جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب السادس في أحوال متعلقات الفعل

صفحة 146 - الجزء 1

  والأصل في العامل: أن يقدم على المعمول، كما أن الأصل في المعمول أن تقدّم عمدته على فضلته، فيحفظ هذا الأصل بين الفعل والفاعل.

  أما بين الفاعل والمفعول ونحوه: كالظرف، والجارّ والمجرور، فيختلف الترتيب للأسباب الآتية:

  أ - إمّا لأمر معنويّ نحو: {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى}⁣[يس: ٢٠]. (فلو أخّر المجرور لتوهّم أنه من صلة الفاعل، وهو خلاف الواقع؛ لأنه صلة لفعله).

  ب - وإما لأمر لفظي نحو: {وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى}⁣[النجم: ٢٣]. فلو قدّم الفاعل لاختلفت الفواصل، لأنها مبنية على الألف.

  ج - وإما للأهمية نحو: قتل الخارجيّ فلان.

  وأما تقديم الفضلات على بعض: فقد يكون.

  ١ - للأصالة في التقدّم لفظا نحو: حسبت الهلال طالعا. فإنّ الهلال ولو كان مفعولا في الحال، لكنه مبتدأ في الأصل.

  أو للأصالة في التقدّم معنى وذلك كالمفعول الأول في نحو: أعطى الأمير الوزير جائزة، فإن الوزير، وإن كان مفعولا بالنسبة إلى الأمير، لكنه فاعل في المعنى بالنسبة إلى الجائزة⁣(⁣١).

  ٢ - أو لإخلال في تأخيره نحو: مررت راكبا بفلان، فلو أخرت الحال لتوهّم أنها حال من المجرور، وهو خلاف الواقع، فإنها حال من الفاعل والأصل في المفعول ذكره؛ ولا يحذف إلا لأغراض تقدم ذكرها.


(١). لأنّ الجائزة مأخوذة، والآخذ لها الوزير الذي فيه معنى الفاعلية الّتي تستدعي حق التقدم.