جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثامن في الوصل والفصل

صفحة 163 - الجزء 1

  الثاني: دفع توهّم غير المراد، وذلك إذا اختلفت الجملتان في الخبرية والإنشائية، وكان الفصل يوهم خلاف المقصود⁣(⁣١) كما تقول مجيبا لشخص بالنفي «لا شفاه اللّه»⁣(⁣٢). لمن يسألك:

  هل برئ عليّ من المرض؟ فترك الواو يوهم السامع الدعاء عليه، وهو خلاف المقصود، لأن الغرض الدعاء له⁣(⁣٣). ولهذا وجب أيضا الوصل. وعطف الجملة الثانية الدعائية الإنشائية على الجملة الأولى الخبرية المصوّرة بلفظ لا لدفع الإيهام، وكل من الجملتين لا محل له من الإعراب.

  الثالث: إذا كان للجملة الأولى محل من الإعراب، وقصد تشريك الجملة الثانية لها في الإعراب حيث لا مانع، نحو: علي يقول، ويفعل⁣(⁣٤).


(١). أما إذا لم يحصل إبهام خلاف المقصود فيجب الفصل نحو سافر فلان سلمه اللّه.

(٢). فجملة شفاه اللّه خبرية لفظا إنشائية معنى: والعبرة بالمعنى، واعلم أن الجملة الأولى المدلول عليها بكلمة «لا» جملة خبرية إذ التقدير «لا برء حاصل له» وهكذا يقدر المحذوف بحسب كل مثال يليق به.

(٣). كما حكي: أن (صحابيّا) مرّ برجل في يده ثوب. فقال له: أتبيع هذا؟ فقال الرجل «لا، يرحمك اللّه» فقال الصحابي: «لا تقل هكذا، بل قل: لا، ويرحمك اللّه» وهكذا إذا سئلت عن مريض: هل أبل؟ فقل: «لا، وشفاه اللّه» حتى لا يتوهم السامع أنك تدعو عليه، وأنت تريد الدعاء له، فالجملة الأولى المدلول عليها بكلمة «لا» خبرية، والثانية إنشائية في المعنى، لأنها لطلب الرحمة والشفاء، وكان الواجب الفصل بينهما، لولا ما يسببه الفصل من الوهم.

(٤). فجملة (يقول) في محل رفع خبر المبتدأ، وكذلك جملة: (ويفعل) معطوفة على جملة يقول، وتشاركها بأنها في محل رفع خبر ثان للمبتدأ، فاشتراك الجملتين في الحكم الإعرابي يوجب الوصل. وحكم هذه الجملة حكم المفرد المقتضي مشاركة الثاني للأول في إعرابه.

والأحسن أن تتفق الجملتان في الاسمية والفعلية والفعليتان في الماضوية والمضارعية.