جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثامن في الوصل والفصل

صفحة 168 - الجزء 1

  ونحو: [البسيط]

  السّيف أصدق أنباء من الكتب ... في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب

  فكأنه استفهم. وقال: لم كان السيف أصدق؟ فأجاب بقوله في حدّه: الخ فالمانع من العطف في هذا الموضع وجود الرابطة القوية بين الجملتين فأشبهت حالة اتحاد الجملتين ولهذا وجب أيضا الفصل.

  الموضع الرابع: شبه كمال الانقطاع وهو أن تسبق جملة بجملتين يصحّ عطفها على الأولى لوجود المناسبة، ولكن في عطفها على الثانية فساد في المعنى، فيترك العطف بالمرة:

  دفعا لتوهّم أنه معطوف على الثانية نحو:

  وتظنّ سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم

  [الكامل]

  فجملة أراها يصح عطفها على جملة تظن لكن يمنع من هذا توهم العطف على جملة أبغي بها فتكون الجملة الثالثة من مظنونات سلمى، مع أنه غير المقصود ولهذا امتنع العطف بتاتا ووجب أيضا الفصل. والمانع من العطف في هذا الموضع أمر خارجي احتمالي يمكن دفعه بمعونة قرينة ومن هذا: ومما سبق، يفهم الفرق بين كل من: كمال الانقطاع، وشبه كمال الانقطاع.


= نحو قول الشاعر: [الكامل]

وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم

واعلم أن التركيب الذي تجاذبت فيه أسباب الوصل وتعاضدت دواعيه قد يفصل إما لمانع من تشريك الجملة الثانية مع الأولى ويسمى قطعا كما سبق. وإما لجعله جواب سؤال مقدر لإغناء السامع عنه «أو لكراهة سماعه له لو سأل، أو لكراهة انقطاع كلامه بكلام السائل، أو للاختصار، ويسمى الفصل لذلك استئنافا، كقوله:

[الكامل]

في المهد ينطق عن سعادة جده ... أثر النجابة ساطع البرهان

على تقدير أنه جواب، كيف نطق؟ وهو رضيع لم يبلغ أوان النطق»!