المبحث العاشر في تقسيم الاستعارة باعتبار ما يتصل بها من الملاءمات، وعدم اتصالها
  استعار الأسد: للرجل الشجاع، وقد ذكر ما يناسب المستعار له، في قوله: شاكي السلاح مقذف وهو التجريد، ثم ذكر ما يناسب المستعار منه، في قوله: له لبد أظفاره لم تقلم وهو الترشيح، واجتماع التجريد والترشيح يؤدّي إلى تعارضهما وسقوطهما، فكأنّ الاستعارة لم تقترن بشيء وتكون في رتبة المطلقة.
  ب - والمرشحة: هي التي قرنت بملائم المستعار منه أي المشبه به، نحو: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ}[البقرة: ١٦] استعير الشراء للاستبدال والاختيار، ثم فرع عليها ما يلائم المستعار منه من الرّبح والتجارة ونحو، من باع دينه بدنياه لم تربح تجارته.
  وسميت مرشحة: لترشيحها وتقويتها بذكر الملائم، وترشيح الاستعارة التصريحية متفق عليه.
  ج - والمجرّدة: هي التي قرنت بملائم المستعار له أي لمشبه نحو: اشتر بالمعروف عرضك من الأذى.
  وسمّيت بذلك: لتجريدها عن بعض المبالغة، لبعد المشبه حينئذ عن المشبه به بعض بعد؛ وذلك يبعد دعوى الاتحاد الذي هو منبي الاستعارة.
  ثم اعتبار الترشيح والتجريد، إنما يكون بعد تمام الاستعارة بقرينتها سواء أكانت القرينة مقالية أم حالية فلا تعد قرينة المصرحة تجريدا ولا قرينة المكنية ترشيحا بل الزائد على ما ذكر.
  واعلم أن الترشيح أبلغ من غيره، لا شتماله على تحقيق المبالغة بتناسي التشبيه، وادعاء أن المستعار له هو نفس المستعار منه لا شيء شبيه به وكأن الاستعارة غير موجودة أصلا، والإطلاق أبلغ من التجريد فالتجريد أضعف الجميع، لأن به تضعف دعوى الاتحاد.