(1) التورية
  التّورية: لغة: مصدر ورّيت الخبر تورية: إذا سترته وأظهرت غيره. واصطلاحا: هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان؛ أحدهما قريب غير مقصود ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد مقصود، ودلالة اللفظ عليه خفيّة، فيتوهّم السّامع: أنه يريد المعنى القريب، وهو إنّما يريد المعنى البعيد بقرينة تشير إليه ولا تظهره، وتستره عن غير المتيقظ الفطن، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ}[سورة الأنعام، الآية: ٦٠] أراد بقوله جرحتم معناه البعيد، وهو ارتكاب الذنوب، ولأجل هذا سمّيت التّورية إيهاما وتخييلا وكقول سراج الدين الورّاق: [الوافر]
  أصون أديم وجهي عن أناس ... لقاء الموت عندهم الأديب
  وربّ الشّعر عندهم بغيض ... ولو وافى به لهم «حبيب»
  وكقوله: [مجزوء الكامل]
  أبيات شعرك كالقص ... ور ولا قصور بها يعوق
  ومن العجائب لفظها ... حرّ ومعناها «رقيق»
=
٤ - المهيأة، هي التي لا تقطع التورية فيها إلا بلفظ قبلها أو بعدها، فهي قسمان أيضا.
فالأول: وهو ما تتهيأ بلفظ قبل، نحو قوله: [الطويل]
وأظهرت فينا من سماتك سنة ... فأظهرت ذاك الفرض من ذلك الندب
فالفرض والندب معناهما القريب الحكمان الشرعيان.
والبعيد: الفرض، معناه العطاء. والندب، معناه الرجل السريع في قضاء الحوائج، ولولا ذكر السنة لما تهيأت التورية ولا فهم الحكمان.
والثاني: وهو ما تهيأت بلفظ بعد: كقول الإمام علي # في الأشعث بن قيس: إنه كان يحرك الشمال باليمين فالشمال معناها القريب ضد اليمين، والبعيد جمع شملة، ولو ذكر اليمين بعده لما فهم السامع معنى اليد الذي به التورية.