جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

أسباب ونتائج

صفحة 41 - الجزء 1

أسباب ونتائج

  يحسن أيضا بطالب البلاغة أن يعرف شيئا عن الأسلوب الذي هو المعنى المصوغ في ألفاظ مؤلّفة على صورة تكون أقرب لنيل الغرض المقصود من الكلام، وأفعل في نفوس سامعيه.

  وأنواع الأساليب ثلاثة:

١ - الأسلوب العلمي:

  وهو أهدأ الأساليب، وأكثرها احتياجا إلى المنطق السّليم، والفكر المستقيم، وأبعدها عن الخيال الشّعري؛ لأنه يخاطب العقل، ويناجي الفكر، ويشرح الحقائق العلميّة التي لا تخلو من غموض وخفاء، وأظهر ميزات هذا الأسلوب: الوضوح. ولا بدّ أن يبدو فيه أثر القوة والجمال؛ وقوّته في سطوع بيانه، ورصانة حججه. وجماله في سهولة عباراته، وسلامة الذوق في اختيار كلماته، وحسن تقريره المعنى في الأفهام، من أقرب وجوه الكلام.

  فيجب أن يعنى فيه باختيار الألفاظ الواضحة الصريحة في معناها الخالية من الاشتراك، وأن تؤلّف هذه الألفاظ في سهولة وجلاء، حتى تكون ثوبا شفّافا للمعنى المقصود، وحتى لا تصبح مثارا للظّنون، ومجالا للتّوجيه والتأويل.

  ويحسن التّنحّي عن المجاز، ومحسّنات البديع في هذا الأسلوب، إلا ما يجيء من ذلك عفوا، من غير أن يمسّ أصلا من أصوله أو ميزة من ميزاته.

  أمّا التشبيه الذي يقصد به تقريب الحقائق إلى الأفهام، وتوضيحها بذكر مماثلها، فهو في هذا الأسلوب مقبول.

٢ - الأسلوب الأدبي:

  والجمال أبرز صفاته، وأظهر مميّزاته ومنشأ جماله، لما فيه من خيال رائع، وتصوير دقيق، وتلمّس لوجوه الشّبه البعيدة بين الأشياء، وإلباس المعنويّ ثوب المحسوس، وإظهار المحسوس في صورة المعنويّ.