جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الخامس في النداء

صفحة 90 - الجزء 1

تنبيهات

  الأول: يوضع الخبر موضع الإنشاء لأغراض كثيرة، أهمها:

  ١ - التفاؤل: نحو «هداك اللّه لصالح الأعمال.» كأنّ الهداية حصلت بالفعل فأخبر عنها، ونحو: وفقك اللّه.

  ٢ - والاحتراز عن صورة الأمر تأدّبا واحتراما، نحو رحم اللّه فلانا ونحو: ينظر مولاي في أمري ويقضي حاجتي.

  ٣ - والتنبيه على تيسير المطلوب لقوة الأسباب. كقول الأمير لجنده: «تأخذون بنواصيهم وتنزلونهم من صياصيهم».

  ٤ - والمبالغة في الطلب للتّنبيه على سرعة الامتثال. نحو: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ}⁣[البقرة: ٨٤]. لم يقل لا تسفكوا، قصدا للمبالغة في النهي، حتى كأنهم نهوا فامتثلوا ثم أخبر عنهم بالامتثال.

  ٥ - إظهار الرّغبة: نحو قولك في غائب: رزقني اللّه لقاءه.

  الثاني: يوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض كثيرة.

  أ - منها: إظهار العناية بالشيء: والاهتمام بشأنه كقوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف: ٢٩].

  لم يقل: وإقامة وجوهكم، إشعارا بالعناية بأمر الصلاة لعظيم خطرها، وجليل قدرها في الدّين.

  ب - ومنها: التّحاشي والاحتراز عن مساواة اللاحق بالسابق. كقوله تعالى: {قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ}⁣[هود: ٥٤ - ٥٥] لم يقل: وأشهدكم تحاشيا وفرارا من مساواة شهادتهم بشهادة اللّه تعالى.

  الثالث: الإنشاء كالخبر في كثير ممّا ذكر فيه، ومما سيذكر في الأبواب التالية من الذكر والحذف وغيرهما.