فصل 3
  عليهما، فكل منهما حرف يختص بالمضارع وينفي معناه(١)، ويقلب زمانه إلى المضي، وفاقًا للمبرد, لأنه يقلب اللفظ الماضي إلى المضارع(٢)، خلافًا لأبي موسى، ونسب إلى سيبويه(٣).
  "وتنفرد لم" عن لما، "بمصاحبة أداءة الشرط، نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} " [المائدة: ٦٧] ولا يجوز: إن لما تفعل؛ لأن الشرط يليه مثبت لم. تقول: إن قام زيد قام عمرو، ولا يليه مثبت لما، لا تقول: إن قد قام زيد. فعودل بين النفي والإثبات. وإنما لم تقع بعد الشرط، لأنها تقتضي تحقيق وقوعه وتقريبه من الحال. والشرط يقتضي احتمال وقوعه وعدمه، وقلبه إلى الاستقبال.
  "و" تنفرد لم أيضًا "بجواز انقطاع نفي منفيها"، نحو: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان: ١] لأن المعنى أنه قد كان بعد ذلك شيئًا مذكورًا، قاله الموضح في شرح القطر(٤)، تبعًا لابن مالك(٥).
  وقال في الحواشي: لا دليل في هذا، لأن قبله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} فالنفي إنما هو باعتبار ما ذكر من ذلك الحين لا مطلقًا، انتهى.
  بخلاف لما، فإن نفي منفيها مستمر إلى زمن الحال. "ومن ثم" أي ومن أجل أن نفي منفي لم يجوز انقطاعه. جاز أن يقال في لم: "لم يكن" الإنسان شيئًا مذكورًا، "ثم كان" شيئًا مذكورًا.
  "وامتنع في لما" أن يقال: "لما يكن ثم كان" لما فيه من التناقض، لأن امتداد النفي واستمراره إلى زمن التكلم يمنع من الإخبار بأن ذلك النفي المستمر نفيه وجد في الماضي. نعم الإخبار بأنه سيكون يستقبل صحيح ولا ينافي استمرار النفي في الحال. قاله الدماميني.
  "وتنفرد لما" عن لم، "بجواز حذف مجزومها، كـ: قاربت المدينة ولما"، بحذف المجزوم، "أي: ولما أدخلها". وذلك لأنها نفي لـ"قد فعل"، والفعل قد يحذف
(١) سقط من "ب".
(٢) الكامل ١/ ٣٦١.
(٣) الكتاب ٣/ ١١٧.
(٤) شرح قطر الندى ص ٨٣، ٨٤.
(٥) شرح الكافية الشافية ٣/ ١٥٧٣.