باب الحذف
  الجهة، لا" اسم مصدر "للتوجه"، قاله المازني(١) والمبرد(٢) والفارسي(٣)، فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه، لأنه ليس بمصدر، وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو الذي يظهر من كلام سيبويه(٤)، ونسب إلى المازني أيضًا.
  وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ، والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله، إذ لا يحفظ "وجه يجه" فلما فقد مضارعه لم يحذف منه، إذ لا موجب لحذفها منه إلا حمله على مضارعه، ولا مضارع له، والفعل المستعمل منه: "توجه، واتجه" والمصدر الجاري عليه: "التوجه"، فحذفت زوائده وقيل: "وجهة".
  ورجح الشلوبين القول بأنه مصدر، فقال(٥)، لأن "وجهة، وجهة" بمعنى واحد، فلا يمكن أن يقال في "جهة"، إنها اسم لمكان، إذ لا يبقى للحذف وجه.
  وفهم من تخصيص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه ياء لاحظ له في هذا الحذف، إلا ما شذ من قول العرب: "يئس"، مضارع "يأس"، أصله: "ييئس"، فحذفت الياء، و"يسر"، مضارع "يسر"، أصله: "ييسر".
  "وقد تترك تاء المصدر" إذا أضيف "شذوذًا كقوله"، وهو أبو أمية الفضل ابن عباس بن عتبة بن أبي لهب: [من البسيط]
  ٩٧١ - إن الخليط أجدوا البين فانجردوا ... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
  قال الفراء(٦)، أرد عدة الأمر, فحذف تاء التأنيث عند الإضافة شذوذًا وخرجه خالد بن كلثوم على أن "عدى" جمع "عدوة" و"العدوة", الناحية، كأنه أراد نواحي الأمر.
(١) التصريف ١/ ٢٠٠.
(٢) المقتضب ١/ ٨٩، ٢/ ١٣٠.
(٣) الحجة ٢/ ٢٤٣.
(٤) الكتاب ٤/ ٣٣٧.
(٥) شرح المرادي ٦/ ٩٧، وانظر حاشية الصبان ٤/ ٣٤٣.
٩٧١ - البيت للفضل بن عباس في شرح شواهد الشافية ص ٦٤، ولسان العرب ١/ ٦٥١ "غلب" ٧/ ٢٩٣ "خلط"، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٧٢، وبلا نسبة في الارتشاف ١/ ١١٨، والأشباه والنظائر ٥/ ٢٤١، وأوضح المسالك ٤/ ٤٠٧، والخصائص ٣/ ١٧١، وشرح ابن الناظم ص ٦١٢، وشرح الأشموني ٢/ ٣٠٤، وشرح عمدة الحافظ ٤٨٦، وعمدة الحفاظ "خلط"، واللسان ٣/ ٤٦٢ "وعد".
(٦) معاني القرآن ٢/ ٣١٩.