باب الفاعل
  "وقرئ: "إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ" [يس: ٢٩] بالرفع(١)، وقرأ مالك بن دينار والحسن وأبو رجاء وعاصم الجحدري بخلاف عنه، وجماعة من التابعين: "فَأَصْبَحُوا لَا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ" [الأحقاف: ٢٥] بضم التاء من "ترى" ورفع "مساكنهم" على النيابة عن الفاعل، وقال ابن جني(٢): إنها ضعيفة في العربية.
  المسألة "الثانية" من جواز الوجهين: "المجازي التأنيث، نحو: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} " [القيامة: ٩]، ولو ورد: "وجمعت"، بالتاء، لم يمتنع، "ومنه" أي: من مجازي التأنيث "اسم الجنس" كشجر، "واسم الجمع" المعرب: كقوم ونسوة، "والجمع" المكسر "كإعراب، وهنود" "لأنهن في معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك جاز التأنيث" في الفعل مع اسم الجمع، "نحو: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} " [ق: ١٢]، "و" مع الجمع المكسر نحو: " {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} " [الحجرات: ١٤] "و" مع اسم الجنس نحو: "أورقت الشجر، و" جاز "التذكير" في الفعل مع اسم الجنس "نحو: أورق الشجر، و" مع اسم الجمع المذكر نحو: " {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} " [الأنعام: ٦٦] "و" مع اسم جمع مؤنث نحو: " {وَقَالَ نِسْوَةٌ}[يوسف: ٣٠]، "و" مع الجمع المكسر المذكر نحو: "قال الرجال، و" مع جمع التكسير المؤنث نحو: "جاء الهنود"، فأتى في جانب التذكير بالنشر مرتبًا على ترتيب اللف، وفي جانب التأنيث مختلطًا، كقوله: هو شمس وأسد وبحر جود وبهاء وشجاعة، وقيدنا اسم الجمع بالمعرب احترازًا من اسم الجمع المبني نحو: الذين، فإنه لا يقال فيه قالت الذين آمنوا، بالتأنيث، وإن قيل إنه جمع "الذي"، وإنما لم يجب التأنيث مع المؤنث المجازي لأمرين: أحدهما: أن التأنيث غير حقيقي، فتضعف العناية به. والثاني: أن هذا المؤنث في معنى المذكر فيحمل عليه كما حمل المذكر على المؤنث في: جاءتني كتاب زيد، أي: صحيفته، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
  ٣٣٥ - والتاء مع جمع سوى السالم من ... لتاء مع إحدى اللبن
  إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح" المذكر والمؤنث "أوجبت التذكير" في الفعل "في نحو: قام الزيدون"، وفي التنزيل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: ١]، "و" أوجبت "التأنيث في" الفعل، "نحو: قامت الهندات" هذا مذهب سيبويه(٣) وجمهور البصريين، "خلافًا للكوفيين فيهما"، فإنهم أجازوا في
(١) قرأها بالرفع: أبو جعفر وشيبة ومعاذ والحارث، انظر الإتحاف ص ٣٦٤، والنشر ٢/ ٣٥٣.
(٢) المحتسب ٢/ ٢٦٦.
(٣) الكتاب ٢/ ٣٨.