مدخل
  منهما، ومعناهما مختلف، "ويشكل عليه" قوله تعالى: " {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}[النساء: ١٢٧] فحذف الحرف" الجار "مع" أن اللبس موجود، بدليل "أن المفسرين اختلفوا في المراد" فبعضهم قدر "في أن"، وبعضهم قدر "عن أن"، واستدل كل على ما ذهب إليه، وأجيب عنه بجوابين، ذكرهما المرادي في شرح النظم:
  أحدهما: أن يكون حذف الحرف اعتمادا على القرينة الرافعة للبس، وقد أشار إلى هذا في منهج السالك.
  والآخر: أن يكون حذف لقصد الإبهام، ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن، وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين. ا. هـ.
  وفي الكشاف(١): "يحتمل في أن تنكحوهن لجمالهن، وعن أن تنكحوهن لدمامتهن"، وتبعه البيضاوي(٢)، والجواب الأول موافق لقول الموضح في المغني(٣)، وإنما حذف الجار في "أن تنكحوهن" لقرينة، وإنما اختلف العلماء في المقدر من الحرفين الآية, لاختلافهم في سبب نزولها، فالخلاف في الحقيقة في القرينة. ا. هـ.
  وما ذهب إليه الموضح من أن محل "أنّ" و"أنْ" نصب بعد الحذف هو مذهب الخليل، وأما سيبويه فقال(٤) بعدما أورد أمثلة من الحذف: ولو قال قائل: إن الموضع جر لكان قولًا قويا، وله نظائر نحو قولهم: "لاه أبوك". ثم نقل النصب عن الخليل، فظهر بهذا أن ما قاله ابن مالك(٥) تبعًا لابن العلج من أن الخليل يقول: بالجر، سهو.
  ولا يقاس على "أنّ" و"أنْ" غيرهما، فلا يقال: "بريت السكين القلم"، والأصل: بالسكين، خلافًا للأخفش الأصغر علي بن سليمان البغدادي، تلميذ ثعلب والمبرد، نشأ بعد الأخفش الصغير أبي الحسن سعيد بن مسعدة، تلميذ سيبويه، والأخفش الأكبر غيرهما، وهو أبو الخطاب شيخ سيبويه، والأخافشة أحد عشرة نحويًا(٦) والسيبويهون أربعة(٧).
(١) الكشاف ١/ ٣٠١.
(٢) أنوار التنزيل ١/ ١٢٠.
(٣) مغني اللبيب ص ٧٨٨.
(٤) الكتاب ٣/ ١٢٨.
(٥) شرح التسهيل ٢/ ١٥٠.
(٦) بغية الرعاة ٢/ ٣٨٩.
(٧) بغية الوعاة ٢/ ٣٩٠.