شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

مدخل

صفحة 60 - الجزء 2

  والناصب له عندهم معنوي، وهو معنى المخالفة التي اتصف بها، ولا يحتاج إلى شيء يتعلق به الخبر، "و: أحْسَنَ؛ إنما هو في المعنَى وصف لـ: زيد، لا لضمير: ما" فلذلك نَصَبَ. "و: زيدًا؛ عندهم مشبه بالمفعول به"، لأن ناصبه وصف قاصر⁣(⁣١)، فأشبه نصبَ الوجهِ في قولك: "زيدٌ حسنٌ الوجه". وأجيب بأن التصغير في "أفعل" شاذ، ووجه تصغيره أنه أشبه الأسماء عمومًا لجموده، وأنه لا مصدر له. أو أنهم⁣(⁣٢) ذهبوا بتصغيره إلى معنى المصدر حيث لزم صيغة واحدة. قاله أبو البقاء⁣(⁣٣). وأشبه أفعل التفضيل خصوصًا بكونه على وزنه، وبدلالته على الزيادة، وبكونهما لا يبنيان إلا مما استكمل شروطًا، يأتي ذكرها.

  وندر حذف همزة "أفعل" سمع: ما خيره وما شره، بمعنى: ما أخيره وأما أشره، ولما حذفوا همزة "أخير" حركوا الخاء بحركة الياء، ومنهم من لم يحركها ويحذف ألف "ما" ويقول: مخيره، وسمع الكسائي: مخبثه.

  "الصيغة الثانية" من صيغتي التعجب: "أفعل به" بكسر العين، "نحو أحسن بزيد" وإليها الإشارة بقول الناظم:

  ٤٧٤ - .................................... ... أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا

  "وأجمعوا على فعلية: أفعل" لأنه على صيغة لا تكون إلا للفعل، فأما أصبع بفتح الهمزة، لغة في إصبع فنادر، وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على أن "أفعل" اسم. قال المرادي⁣(⁣٤): ولا وجه له.

  "ثم" بعد اتفاقهم على فعليته اختلفوا في حقيقه، "قال البصريون"؛ جمهورهم: "لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر" فمدلوله ومدلول "أحسن" في: ما أحسن زيدًا من حيث التعجب واحد، "وهو في الأصل فعل ماض" صيغته "على صيغة: أفْعَلَ" بفتح العين، وهمزته للصيرورة "بمعنى صار ذا كذا"، فأصل: "أحسن يزيد" أحسن زيد، أي صار ذا حسن، "كـ: أغد البعير، أي صار ذا غدة"، وأبقلت الأرض: أي صارت ذات بقل، "ثم غيرت الصيغة" الماضوية, إلى الصيغة الأمرية، فصار: أحسن زيد، بالرفع، "فقبح إسناد" لفظ "صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر"، لأن صيغة


(١) في "ب": "فعل".

(٢) في "ب": "أو لأنهم".

(٣) ورد قوله في كتابه التبيين ص ٢٩٠ - ٢٩١.

(٤) شرح المرادي ٣/ ٦٣.