فصل 2
  فظاهره أن جملة الاستفهام وهي: هل رأيت الذئب قط(١): نعت لـ: مذق، فوجب تأويلها على أن الصفة قول محذوف، وجملة الاستفهام معمول الصفة، "أي: جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند(٢) رؤيته": هل رأيت الذئب(٣) قط؟
  وقال ابن عمرون: "الأصل: بمذق مثل لون الذئب، هل رأيت الذين(٤) يقولون: مررت برجل مثل كذا، هل رأيت كذا(٥). وفي الحديث: "كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ " قالوا: نعم يا رسول الله. قال: "فإنهما مثل شوك السعدان"(٦). ثم حذف "مثل لون الذئب" وبقي: هل رأيت الذئب؟ فتأولوه بمقول عند رؤيته "هذا الكلام"، فـ: "مقول" هو الصفة وجملة الاستفهام معمول لها". انتهى.
  والمذق، بفتح الميم وسكون الذال المعجمة: مصدر قولك: مذقت اللبن، إذا مزجته بالماء، والمراد به هنا الممذوق مبالغة، والمعنى: جاءوا بلبن سمار فيها لون الورقة(٧) التي هي لون الذئب. والسمار: اللبن الرقيق، والورقة: بياض يضرب إلى سواد.
  "الرابع": مما ينعت به "المصدر" سماعًا بشروط: أحدها: أن لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع. الثاني: أن يكون مصدر ثلاثي أو بزنة مصدر(٨) ثلاثي. الثالث: أن لا يكون ميميًّا. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
  ٥١٣ - ونعتوا بمصدر كثيرا ... فالتزموا الإفراد والتذكيرا
  "قالوا: هذا رجل عدل" بفتح العين(٩) "ورضا" بكسر الراء "وزور" بفتح الزاي "وفطر" بكسر الفاء.
  والثلاثة الأولى(١٠) مصادر حقيقة، والرابع اسم مصدر، فإن فعله أفطر، "و" هو كثير، ومع كثرته يقتصر فيه على السماع.
(١) سقطت من "ب": "الذئب قط"، وسقط من "ط": "قط".
(٢) في "ب": "عندهم".
(٣) في "ب": "الظبي".
(٤) في "ب": "الذئب".
(٥) سقط من "ب": "هل رأيت كذا".
(٦) أخرجه البخاري في صفة الصلاة برقم ٧٧٣، وأخرجه مسلم في المساجد برقم ٦٧٥.
(٧) في "ب": "الزرقة".
(٨) سقطت من "ب".
(٩) في "ب": "الميم".
(١٠) في "ب", "ط": "الأول".