فصل 3
  ويمتنع الإتباع لأنه يؤدي إلى تسليط عاملين مختلفي المعنى أو العمل على معمول واحد من جهة واحدة، بناء على أن العامل في المنعوت هو العامل في النعت, وهو الصحيح(١). وأما إذا اتحد العاملان معنى وعملا فلا محذور في الإتباع، لأن العاملين من جهة المعنى شيء واحد، فنزلا منزلة العامل الواحد عند الجمهور. وقال ابن السراج(٢) إذا اتفقا لفظًا كان الثاني توكيدًا للأول. والحاصل أن صور العاملين أربع:
  إحداها: أن يختلف العاملان في المعنى والعمل كـ: رأيت زيدًا ومررت بعمرو.
  الصورة الثانية: أن يختلف العمل قط كـ: مررت بزيد ولقيت عمرًا، وفيهما أربعة أقوال: فالجمهور على منع الإتباع فيهما، وابن الطراوة على جواز الإتباع فيهما للثاني دون الأول، والكسائي والفراء على منع الإتباع في الأولى وجوازه في الثانية، لكن الكسائي يتبع الثاني فيها دون الأول والفراء يعكس ذلك(٣).
  الصورة الثالثة: أن يختلف المعنى فقط كـ: وجد زيد على عمرو، ووجد عمرو الضالة، أجاز قوم فيها الإتباع، وهم القائلون: إن العامل التبعية(٤)، ومنعه قوم وهم القائلون: إن عامل المنعوت والنعت واحد(٥).
  الصورة الرابعة: أن يتحدا معنى وعملا وتحته صورتان:
  أن يتحدا لفظًا أو لا، فالأولى(٦) نحو: جاء زيد وجاء عمرو العاقلان فيجوز فيها الإتباع، وقيده ابن السراج بأن يقدر الثاني توكيدًا(٧). والثانية نحو: جاء زيد وأتى عمرو الظريفان، فأجاز الجمهور فيها الإتباع(٨)، ومنعه ابن السراج مطلقًا(٢). هذا كله مع اتحاد جنس العاملين، فإن اختلفا كـ: هذا زيد وجاء عمرو الظريفان، ومررت بزيد وهذا عمرو الظريفان، ولقيت زيدًا وإن عمرًا في الدار القائمان، فذهب الجمهور إلى منع الإتباع والأخفش والجرمي إلى جوازه(٩).
(١) انظر شرح ابن الناظم ص ٣٥٤.
(٢) الأصول ٢/ ٤٢.
(٣) انظر همع الهوامع ٢/ ١١٩.
(٤) في همع الهوامع ٢/ ١١٥، القائلين بالتبعية هم الخليل وسيبويه والأخفش والجرمي.
(٥) انظر همع الهوامع ٢/ ١١٥.
(٦) في "ط": "فالأول".
(٧) الأصول ٢/ ٤٢.
(٨) انظر شرح التسهيل ٣/ ٣١٧.
(٩) انظر شرح المرادي ٣/ ١٥٠، والارتشاف ٢/ ٥٩٠.