فصل 1
  ثم كانت غير عاطفة عند الجمهور، خلافًا لابن جني(١). وادعى ابن مالك أنها قد تدخل على المفرد، وحمل قولهم: إنها لإبل أم شاء، على ظاهره دون تقديره مبتدأ، واستدل بأنه قد سمع أن هناك: إبلا أم شاء، بالنصب، وهذا لا يعرف إلا من جهته(٢)، وإن سلم فالتأويل(٣) ممكن بأن تكون متصلة وحذفت الهمزة، أو منقطعة وانتصب "شاء" بمحذوف أي: أم أرى شاء.
  "أو" استفهامًا "إنكاريًّا كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ" وَلَكُمُ الْبَنُونَ}[الطور: ٣٩] "أي" بل "أله البنات"، إذ لو قدرت الإضراب المحض لزم المحال، وهو الإخبار بنسبة البنات إليه، تعالى عن ذلك. "وقد لا تقتضيه" أي لا تقتضي "أم" المنقطعة الاستفهام "البتة"، لا حقيقيًّا ولا إنكاريًّا "نحو": {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ " أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ "}[الرعد: ١٦] "أي: بل" هل "تستوي"، ولا يقدر: بل أهل، "إذ لا يدخل استفهام على استفهام، وقول الشاعر": [من الطويل]
  ٦٧٢ - فليت سليمى في المنام ضجيعتي ... هنالك أم في جنة أم جهنم
  أي: بل في جهنم، "إذ لا معنى للاستفهام" هنا، لأنه للتمني، ونقل ابن الشجري(٤) عن جميع البصريين أن "أم" أبدًا بمعنى "بل" والهمزة جميعًا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك. انتهى. وهذه الآية والبيت يشهدان للكوفيين، فإن "أم" فيهما بمعنى "بل" خاصة كما أنها بمعنى الاستفهام خاصة في قول الأخطل: [من الكامل]
  ٦٧٣ - كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خَيَالا
(١) في الارتشاف ٢/ ٦٥٦: "وقدره الفارسي وابن جني وأصحابنا: بل أهي شاء".
(٢) شرح التسهيل ٢/ ٣٦٢.
(٣) في "ب": "فالتوكيد".
٦٧٢ - البيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص ٥٠١، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٣٧٦، وشرح ابن الناظم ص ٣٧٨، وشرح الأشموني ٢/ ٤٢٢، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٢٠، وشرح الكافية الشافية ٣/ ١٢١٩، والمقاصد النحوية ٤/ ١٤٣.
(٤) أمالي ابن الشجري ٢/ ٣٣٥.
٦٧٣ - البيت للأخطل في ديوانه ص ٣٨٥، والأزهية ص ١٢٩، وخزانة الأدب ٦/ ٩، ١٠، ١٢، ١٩٥، ١١/ ١٢٢، ١٣١، ١٣٣، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٧٦، وشرح شواهد المغني ١/ ١٤٣، والكتاب ٣/ ١٧٤، ولسان العرب ١/ ٧٠٦، ٧٠٩ "كذب"، ٦/ ١٥٦، "غلس"، ١٢/ ٣٨ "أمم"، ومغني اللبيب ١/ ٤٥، وتاج العروس ١٦/ ٣١٠ "غلس"، "أمم"، والمقتضب ٣/ ٢٩٥، وبلا نسبة في الأغاني ٧/ ٧٩، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٢٥.