شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

مدخل

صفحة 193 - الجزء 2

  وأن جعلناه فاعلًا لأحد الفعلين على سبيل التنازع ففيه ضعف من وجهين: أحدهما: أنه يخرج على لغة أكلوني البراغيث. والثاني: أنه يجب أن يقدر في العامل المهمل ضمير مستتر راجع إلى "كثير" ووجوب استتار الضمير في فعل الغائبين من غرائب العربية، كما قاله في المغني⁣(⁣١). وإن جعلناه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: العمي والصم كثير منهم، فهو تكلف.

  "أو مقدر كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} " [آل عمران: ٩٧]. فـ: "من استطاع": بدل من "الناس" بدل بعض من كل، والضمير العائد على المبدل منه مقدر؛ "أي: منهم". قال ابن إياز: قال النحويون: "من استطاع": بدل بعض⁣(⁣٢). وقال ابن برهان: بدل كل، واحتج بأن المراد بالناس المستطيع، فهو عام أريد به خاص، لأن الله ø لا يكلف الحج من لا يستطيع. ا. هـ.

  قال الموضح في الحواشي: والجماعة يقولون: عام مخصوص، ولا ضير⁣(⁣٣)، لأن الكلام بآخره ومقصوده وليس بظاهره المحض من غير نظر إلى مقصوده، والحق أنهما محتملان. ا. هـ. وقال الكسائي: من: شرطية وجوابها محذوف، والتقدير: من استطاع فليحج. ورد بأن لا حاجة إلى الحذف مع إمكان تمام الكلام، وقال ابن السيد: مَنْ: فاعل "حج" والمصدر مضاف إلى مفعوله. ورد بأنه: يقتضي أنه يجب على جميع الناس أن مستطيعهم يحج، وذلك باطل⁣(⁣٤).

  "والثالث: بدل الاشتمال". واختلف في المشتمل في بدل الاشتمال فقال الرماني: هو الأول. واختاره في التسهيل⁣(⁣٥)، وعلله الجزولي بأن الثاني إما صفة للأول كـ: أعجبتني الجارية حسنها، أو مكتسب منه صفة نحو: سلب زيد ماله، فإن الأول اكتسب من الثاني كونه مالكًا. ورد بأنه يلزم منه أن يجيز: ضربت زيدًا عبده، على الاشتمال وهم قد منعوا ذلك. قاله أبو حيان في التذكرة⁣(⁣٦). وقال الفارسي في الحجة: المشتمل هو الثاني. قال: بدليل: سُرِق زيدٌ ثوبُهُ، ورد بـ: سرِقَ زيدٌ فرسُهُ.


(١) مغني اللبيب ٢/ ٣٦٧.

(٢) بعده في "ب": "من كل".

(٣) في "ب": "ولا ضير".

(٤) انظر شرح قطر الندى ص ٣٠٩.

(٥) التسهيل ص ١٧٣.

(٦) تذكرة النحاة ص ١٨٦.