لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حديث الإفك

صفحة 96 - الجزء 1

  سبحانه: {ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا ٩}⁣[الأحزاب: ٩] وكانت ريحاً باردة في ليلة شاتية فأضعفتهم ببردها، وسفت التراب في وجوههم، وقلعت الخيام، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور؛ فانهزموا من غير قتال.

  وقوله تعالى: {وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا ٩} المعنى: أن الله أعطاهم النصر في هذه الغزوة؛ لعلمه تعالى بأنهم انقطعوا إليه والتجأوا إليه ولم يرجوا سواه.

  ثم ذكر الله تعالى وبيَّن كثرة المشركين وإحاطتهم بالمسلمين، وما أصاب المسلمين عند ذاك من الهول والخوف والفزع، فقال سبحانه: {إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ}⁣[الأحزاب: ١٠] أي: من قِبَل المشرق، قال في البرهان للإمام الديلمي #: جاء منه - أي: المشرق - عوف بن مالك في بني النضير، وعيينة بن حصن في أهل نجد، وطليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد، وأبو الأعور السلمي ومعه حيي بن أخطب في يهود بني قريظه مع عامر بن الطفيل.

  {وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ}⁣[الأحزاب: ١٠]: أي: من جهة الغرب وهم قريش ومن معها، وقالوا: سنكون حملة واحدة حتى نستأصل محمداً.

  {وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ}⁣[الأحزاب: ١٠]، بيّن الله تعالى بهذه العبارة شدَّة هول المسلمين، ومدى خوفهم وفزعهم في ذلك المقام، وقد كان المسلمون ثلاثة آلاف، واستمر الحصار على الخندق قريباً من شهر، ولم يحصل قتال إلا الترامي بالنبال، إلا ما كان من قتل عمرو بن عبد ودّ؛ فقتله علي بن أبي طالب، وقُتِل رجلان رُمِي أحدهما بسهم والآخر رضخ بالحجارة بعد سقوطه في الخندق.

  وقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ ١٠}⁣[الأحزاب: ١٠] المعنى والله أعلم: أن