لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حديث الإفك

صفحة 97 - الجزء 1

  المسلمين لشدّة الهول والفزع حدثت فيهم ظنون، فالمُنافقون وضعاف الإيمان ظنوا أن النبي ÷ وأصحابه سَيُسْتَأصَلون، وظنّ أهل الرسوخ في الإيمان أن وعدَ الله حقّ، وأن الله سيُظْهِر دينه على الدينِ كلّه ولو كره المشركون.

  ثُمَّ أخبر تعالى عن ظنّ المنافقين وتفصيله، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا ١٢}⁣[الأحزاب: ١٢]، قال في المصابيح نقلاً عن البرهان: روينا عن آبائنا أنَّ رسول الله ÷ كان يحفر الخندق لحرب الأحزاب فبينما هو يضرب فيه بِمِعْوَلِه إذ وقع المِعْوَلُ على صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من نارٍ في السماء - أي الهواء -، فضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فضرب الثالث فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان، فقال له النبي ÷: «أرأيت ما خرج من كل ضربة ضَرَبْتُها؟» قال: نعم يا رسول الله، فقال ÷: «يفتح الله لكم بيض المدائن، وقصور الشام، ومدائن اليمن».

  قال: ففشا ذلك في أصحاب رسول الله ÷ وتحدّثوا به، فقال بعض المنافقين: أَيَعِدُنا محمدٌ أن يفتح لنا مدائن اليمن وبيض المدائن وقصور الشام، وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قُتِل، هذا واللهِ الغرورُ، فأنزل الله هذه الآية.

  قوله تعالى: {هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا ١١}⁣[الأحزاب: ١١]: المعنى والله أعلم: أنه تميّز في هذا اليوم الشديد الهائل - المخلصُ من المنافق، والثابتُ من المتزلزل، وقويُّ الإيمان من ضعيف الإيمان.

  ثم قال تعالى: {وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن