حديث الإفك
  ٱللَّهِ يَسِيرٗا ١٩ ...}[الأحزاب: ١٩]، المعنى: أنَّ المُنافقين كانوا إذا انتهت المعركة مع المشركين وحصل الأمن وذهب الخوف فإن المُنافقين حينئذ يتجرّؤون على الكلام ويبالغون في ذمِّ المؤمنين، وادَّعَوْا لأنفسهم الشجاعة والنجدة كذباً، وأظهروا البخل الشديد عند قسمة الغنائم، وزيادة الحرص، والجشع، والرغبة فيها، ويغضبون وتنكسر أنفسهم ألماً، إذا أعطاكم الرسول ÷ نصيبكم من الغنائم يبخلون بها عليكم، ويرون أنهم أحق بها، ويذمّونكم على ما أعطاكم، ويكثرون الكلام في ذلك.
  ثم قال تعالى فيهم: {يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا ٢٠}[الأحزاب: ٢٠] المعنى: أن المنافقين لشدّة خوفهم وفزعهم يحسبون أن الأحزاب التي غزت المدينة ما زالت حولهم وأنهم لم يذهبوا، وفي الواقع أنهم قد ذهبوا، وأنهم يَوَدُّون ويتمنون إذا رجعت الأحزاب إلى المدينة للحرب أن يكونوا بعيدين عن المدينة وفي مأمن لا يسمعون فيه ولا يرون ما يجري من الحرب مع الأحزاب، فيسألون كغيرهم من أهل البوادي عما يجري في المدينة من القتل والقتال والنصر والهزيمة.
  ثم أخبر الله تعالى المسلمين بأن هؤلاء المنافقين الفارِّين لا ينفعكم حضورهم ومرابطتهم معكم لشدة جُبْنِهِم وفزعهم وجزعهم؛ لذلك لا يتوقع منهم القتال ومقارعة الرجال.