[رسل قريش وصلح الحديبية]
  ما يُعظم أصحابُ محمدٍ محمداً، والله إن تَنَخَّمَ نخامة إلَّا وقعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدَلَكَ بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأَ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له.
  ثم بعثوا رجُلاً من بني كنانة، فلمَّا دنا من الحديبية رأى البُدْنَ قائمة ورأى المسلمين يُلَبُّون، وكان هذا الكناني من قومٍ يعظِّمون البدن، فرجع قبل أن يصل فقال لأصحابه: رأيت البدن قد قُلِّدَت وأُشْعِرَت فما أرى أن يُصَدُّوا عن البيت.
  ثُمَّ بعثت قريش مكرز بن حفص وهو رجلٌ منهم فكلَّم النبي ÷، فبينما هو يكلِّمه ÷ إذ جاء سهيل بن عمرو فتفاءل النبي ÷ بمجيئه وقال: «سهل لكم من أمركم»، فكان سهيل آخر سفراء قريش إلى النبي ÷، ومع سهيل جرى عقد الصلح بين النبي ÷ وبين قريش، ولم يرض سهيل حين كتابة الصلح أن يكتب فيه: ﷽، ولا محمد رسول الله، بل يكتب: باسمك اللهم، ومحمد بن عبدالله، وكان علي # هو الذي كتب الصلح، فأمرهُ النبي ÷ أن يمحو رسول الله ويكتفي بمحمد بن عبدالله، فاستعظم علي ذلك فمحاه رسول ÷ بيده ومحا من الكتاب «﷽» وأبدلها «باسمك اللهم»، ثم قال النبي ÷ لعلي #: «إنه سيكون لك مثلها»(١).
(١) وقد وقع ذلك في صفين عند كتابة الصلح بين أمير المؤمنين # ومعاوية بن أبي سفيان.