[مكاتبات النبي ÷ إلى الملوك]
  الذي بشَّر به موسى وعيسى $، وأنه من استخبر الرسول عنه، فكان في صفاته كما أخبر به موسى وعيسى $؛ فاشتطوا غضباً ونخروا نخرة وحاصوا، فعرف الملك أنهم لا يرضون بالإسلام، فقال لهم: اهدأوا إنما صنعت ذلك بكم لأختبر ثباتكم على دينكم، فالحمد لله على ما رأيتُ من ثباتكم وصلابتكم.
  وأما ملك الحبشة فأسلم وأسرَّ اسلامه وكانت الحبشة نصارى، وأراد ملك الحبشة إدخال رعيَّتِه من النصارى في الإسلام فدعاهم وعرض عليهم الإسلام وقال: إن محمداً ÷ هذا النبي الذي بشر به موسى وعيسى @، وعلى الجملة فإنه صنع كما صنع ملك الروم.
  وكتب ÷ إلى ملك مصر فأكرم رسول رسول الله ÷ ولم يظهر منه ميول إلى الإسلام، وأرسل إلى النبي ÷ مع الرسول بجاريتين هدية، إحداهما مارية القبطية.
  فهؤلاء هم عيون الملوك الذي كتب ÷ إليهم، وكتب إلى ملوك آخرين.
  وكانت هذه الكتب والرسائل منه ÷ بعد صلح الحديبية مباشرة، وكما ذكرنا فإن ملك الروم مال بقلبه إلى الإسلام، فأراد المزيد من أخبار النبي ÷، وكانت قريش تسافر إلى الشام للتجارة، فبعث الملك في طلب رجال من قريش ليستخبرهم عن محمد ÷، فجاءت الرسل بجماعة من قريش فيهم أبو سفيان إلى الملك، فقال لهم الملك: ليتقدّم بالجواب أقربهم إلى محمد ÷؛ فتقدم أبو سفيان ووقف أصحابه خلفه، فسأله هرقل عن شرف محمد ÷ ونسبه وعن أبويه: هل هما حيّان أم ميّتان؟ وإلامَ يدعو؟ ومن يتبعه؟ وهل ادّعى أحد من آبائه مثل ما ادعى و ... الخ، ولم يجسر أبو سفيان أن يكذب في جوابه على الملك فأجاب بالصدق في جميع جواباته؛ فلما تمّ السؤال والجواب قال الملك: والله لأن صدقني الرجل ليأخذنّ ما تحت قدمي، فقال أبو سفيان: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة، حتى أصبح يخافه ملك بني الأصفر.