لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع للهجرة

صفحة 127 - الجزء 1

عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سَبْع للهجرة

  صَدَّتْ قريش رسول الله ÷ والمسلمين الذين كانوا معه في الحديبية ثم وقعت الهدنة وتمَّ الصلح بين النبي ÷ وقريش، وكان مِنْ بنود الصلح أن يرجعَ النبيُّ ÷ في سنته تلك، ويعود هو وأصحابه في السنة المقبلة؛ فعلى هذا الاتفاق خرج النبيُّ ÷ والمسلمون ممن صُدَّ معه عن البيت، وسُمِّيَتْ هذه عمرة القضاء؛ لأن النبي ÷ قاضى قريشاً عليها، أي: أنه اعتمر حسب الاتفاق بينه ÷ وبين قريش، لا لأن عُمرة الحديبية فسدت وهذه قضاء لها.

  وَعُمَرُهُ ÷ أربع بالاتفاق: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة عند عودته من حصار الطائف، وكُلّ هذه الثلاث كانت في شهر ذي القعدة، والعمرة الرابعة هي التي قرنها ÷ مع حجه، فعلى حسب هذا الاتفاق تكون عمرة الحديبية تامة.

  ولما علمت قريش بقدوم النبي ÷ للعمرة - عمرة القضاء - خرجت عن مكة إلى رؤوس الجبال وتحدّثت قريش فيما بينها أنَّ محمداً ÷ وأصحابه قد أضعفتهم حُمى يثرب ووقفت قريش بحيث تنظر إلى المسلمين، فلما دخل النبي ÷ اضطبع بردائه - أي: أدخل الرداء تحت إبطه الأيمن وغطَّى به الأيسر وأخرج عضده اليمنى - ثم قال: «رحم الله امرأً أراهم اليوم من نفسه قوةً»، ثم استلم الركن، وخرج يهرول، ويهرول أصحابه معه، حتى إذا واراه البيت من قريش وذلك حين يستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود، ثم يهرول كذلك في الثلاثة الطوافات الأول، ومشى في سائر الطوافات وعلى هذه الصفة فعل رسول الله ÷ في حجة الوداع في أول طواف فقط، فمضت بذلك السُّنة، وفي اليوم الثالث سألتْ قريش النبي ÷ أن يخرج من مكة