لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[خروج الجيش]

صفحة 144 - الجزء 1

  وفي هذه الغزوة «تبوك» كان المنافقون ذوي أعداد كثيرة بسبب دخول قريش في الإسلام ودخول قبائل العرب أيضاً في الإسلام، وقد كان دخول أكثرهم في الإسلام كرهاً لا عن اقتناع؛ لذلك كثر المنافقون واشتدت وطأتهم على النبي ÷ وعلى المسلمين، فاقتضت حكمة الله تعالى أن يبتليهم بالجهاد في هذه الغزوة غزوة تبوك، وقد قال تعالى: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣}⁣[العنكبوت].

[خروج الجيش]

  وخرج رسول الله ÷ في ثلاثين ألفاً، وخَلَّف على أهله علي بن أبي طالب # فتكلَّم المنافقون في استخلاف النبي ÷ لعلي فقالوا: إنما تركه في المدينة كراهة له واستثقالاً لمصاحبته؛ فلحق علي النبي ÷ وأخبره بقول المنافقين ورغبته في مصاحبته؛ فطيَّب النبي ÷ نفس علي # وقال له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»⁣(⁣١) فرضي علي # وطابت نفسه ورجع المدينة.


(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي # في لوامع الأنوار في ذكر حديث المنزلة: هذا، وقد نَزَّل الله تعالى سيد الوصيين، وأخا سيد النبيين، من ابن عمه سيد المرسلين، - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - بمنزلة نفسه كما نطق به الذكر المبين، وبمنزلة هارون من موسى، على لسان المصطفى، ÷، كما تواترت به الأخبار عند جميع المسلمين، وهو قوله - صَلَوَاتُ الله عَلَيْه وعلى آله وسلامه -: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» هكذا رواه الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي عن آبائه - À. وقال الإمام الهادي إلى الحق القويم، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم - عليهم الصلاة والتسليم -: وفيه يقول ÷: «علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»، وفي ذلك دليل على أنه قد أوجب له ما كان يجب لهارون مع موسى، ما خلا النبوة؛ وهارون ~ فقد كان يستحق مقام موسى، وكان شريكه في كل أمره، وكان أولى الناس بمقامه، إلى آخر كلامه. وآل محمد À من قَبْل الإمامين الأعظمين ومن بعدهما وما بينهما، مجمعون على =