[دولة القرآن الكريم]
  وعلى الجملة فحروب النبي ÷ مع المشركين واليهود كانت على جهة الدفاع أو الردّ بالمثل.
  هكذا كانت سيرة النبي ÷ في جميع حروبه مع المشركين واليهود.
  ثم أن الله سبحانه وتعالى أمر بعد ذلك بقتال المشركين كافّة: {وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةٗ كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةٗۚ}[التوبة: ٣٦]، وهكذا أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وما ذلك إلا لما علم الله تعالى من خبث نيّات المشركين واليهود في الفتك بالمسلمين إن حانت لهم فرصة، وقد قال تعالى في المشركين: {لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ ١٠}[التوبة]، وقال فيهم: {إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ ٢}[الممتحنة]، وقال فيهم: {قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ}[آل عمران: ١١٨]، إلى غير ذلك من الآيات.
  وقال سبحانه في المشركين واليهود: {۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ}[المائدة: ٨٢].
  فلذلك أمر بقتال الفريقين على الإطلاق، وكان هذا الأمر من الله تعالى للمسلمين حين أصبح للمسلمين دولة عظيمة بقيادة نبيهم ÷، وصار لهم كيان كبير وسيطرة واسعة، فكان لا بد لأعداء الإسلام في جزيرة العرب من أهل الكتاب والمشركين أن يقبلوا بالوضع العام فيدخلوا في الإسلام، أو يصبروا على ما هم عليه من العداوة للإسلام ونبي المسلمين، فكان لا بد لدولة الإسلام من قتال عدوّهم المصرّ على عداوته حتى يحصل واحد من ثلاثة:
  ١ - إما أن يدخلوا في الإسلام.
  ٢ - وإما أن يستسلموا للدولة الإسلامية ويقبلوا بقوانينها العادلة؛ فيعطوا لها ما