لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[دولة القرآن الكريم]

صفحة 194 - الجزء 1

  عليهم، ويأخذوا منها ما هو عليها، وتماماً كما هو الحال عليه اليوم في بعض دول العالم؛ فإن الأقليّات الدينية والأحزاب المعارضة وذوي النوازع العنصرية أو العرفية تقبل بالوضع العام والسياسة القائمة وتذعن لقوانينها، فتعطي ما عليها، وتأخذ ما هو لها في القانون العام.

  ٣ - وإما الصبر على القتل والقتال حين يحكم الله بين الفريقين، وهذه السياسة هي سياسة حكيمة جارية على ما هو المعروف من سنن البشر التي تعرفها العقول وتجيدها.

  وكانت الدولة الإسلامية تأخذ من رعاياها شيئاً من المال؛ فالمسلمون يؤدون الزكاة فيعطي التاجر في السنة (٢,٥ بالمئة)، وأصحاب الزراعة يعطون (١٠ بالمئة) من محصول زراعتهم إذا سقيت بغير تعب نحو أن تسقى بماء المطر أو الأنهار، و (٥ بالمئة) إذا كانت تسقى بالآلات، وأهل المواشي التي ترعى الكلأ يعطون منها على حسب كثرتها وقلّتها، وإذا كانت تُعْلَفُ فلا زكاة عليها.

  ويعطي كل واحد من المسلمين صاعاً في السنة من طعام على الغني والفقير، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد.

  وأهل الكتاب يؤخذ من كل واحد من فقرائهم اثني عشر درهماً في السنة، ومن أوساطهم أربعة وعشرين، ومن أغنيائهم ثمانية وأربعين درهماً، والاثنا عشر درهماً هي أقل من ريال فرانصي.

  وقد تتصالح الدولة الإسلامية مع أهل الكتاب أو المشركين بأقلّ من ذلك أو بأكثر، على حسب المصلحة وحسب الاتفاق.

  نعم، هذا المال الذي تأخذه الدولة ليس ظلماً؛ لأسباب:

  ١ - أنها تأخذ المال من جميع رعاياها من المسلمين وغيرهم.