لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[أصحاب اليد الطولى في نصرة الدين]

صفحة 202 - الجزء 1

  رجالات قريش، والمعروف أن قريشاً كانت ألدّ أعداء الإسلام ونبي الإسلام؛ فلما سيطرت على الأمر بعد النبي ÷ همَّشَت الأنصار، وجَدَّت في مسح فضائلها، وصغَّرت شأنها، بل إنها سلّطت شعراءها في أول خلافة أبي بكر على ذمّ الأنصار وهجائهم، وقتلت في أوّل خلافة عمر عظيم الأنصار سعد بن عبادة غيلة، وكانت سياسة الخليفة الأول والثاني والثالث خاضعة لسياسة قريش؛ لأن قريشاً بعد دخولها في الإسلام كرهاً يوم الفتح أصبح لها ثقل كبير ووزن عظيم في المجتمع الإسلامي، راجح على وزن الأنصار، مما اضطر الخلفاء الثلاثة إلى موافقة قريش في سياستها، وقديماً قال النبي ÷: «الناس تبع لقريش: صالحهم لصالحهم، وطالحهم لطالحهم».

  وقد كانت قريش حاقدة على الأنصار لِمَا فعلوا بهم يوم بدر من القتل والأسر، كما كانت حاقدة على أمير المؤمنين علي # لكثرة من قتل منهم في حروبهم مع النبي ÷.

  فكانت الخلافة بعد النبي ÷ بمثابة انقلاب سياسي على أنصار دولة النبي ÷، وما زالت آثار ذلك الانقلاب السياسي قائمة حتى اليوم، فأهل السنة اليوم يذمّون من يحب علياً أو أهل بيته ولا يرون لهم حرمة ولا كرامة، ويحكمون عليهم بالضلال، وكل ذلك لأنهم يحبّون علياً وأهل البيت، وكما ذكرنا فإن هذا المذهب وضعه الخلفاء الثلاثة تحت ضغط قريش.

  وعلى الجملة فقد اشتهر وتميّز أهل الفضل بفضلهم على عهد الرسول ÷، وفي عهد الخلافة رفضت قريش أهل الفضل وفضائلهم؛ لعداوتها لهم الناتج عن تاريخهم الطويل في حرب قريش الذي خلّف قتلى كثيرة من قريش في بدر وغيرها، فترى قريش أن لها ثارات عند أولئك.