[حجة الوداع سنة 10 هـ]
[حجة الوداع سنة ١٠ هـ]
  ثم بعد عام من تبليغ هذا البلاغ إلى المشركين أعلن إلى جميع المسلمين في المدينة وخارج المدينة أنه سيحج هذا العام، وأراد ÷ بهذا الإعلان أن يحج معه ما أمكن من المسلمين ليعرفوا مناسك حجّهم من أوّلها إلى آخرها معرفة مستحكمة، فخرج للحج جموع كثيرة من شتّى البلدان الإسلامية في الجزيرة العربية ليأتموا بالنبي ÷ في الحج، فحج النبي ÷ والمسلمون وأمرهم أن يتعلّموا من أفعاله ومن أقواله، فقال لهم: «أيها الناس خذوا عني مناسككم»، وكان يكرّر عليهم التعليم بالقول، فعلّمهم ÷ مناسك حجهم يوم التروية في مكة، ثم كرّر عليهم التعليم في عرفة بعد صلاة الظهر والعصر، ثم علّمهم مناسكهم في يوم النحر، وكان هذا التعليم عاماً لجميع الحجاج، وكان مع ذلك يجيب على المستفتين ويرشد الجاهلين.
  وقد ركَّز النبي ÷ في حجه هذا - زيادة على تعليم المسلمين مناسك حجهم - على الوصيّة بكتاب الله تعالى وبأهل بيته، فقال في خطبة يوم عرفة: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»(١).
(١) حديث الثقلين المتواتر الذي أجمعت الأمة على صحته قد تكرر في عدة مواطن في مجامع الناس، منها في خطبة يوم عرفة على الحجيج، ومنها في خطبة يوم الغدير في الجحفة، ومنها في مرض الوفاة في المسجد، ومنها في مرض الوفاة في حجرته ÷ وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وغيرها من المواطن. هذا، وممن روى حديث الثقلين في يوم عرفة - الترمذي في سننه عن زيد الأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، وكذلك الطبراني في الكبير والأوسط، ورواه الخطيب في المتفق والمفترق عن إبراهيم الأزدي عن جعفر عن جابر، والرافعي في التدوين عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر ... إلخ، وفي جامع =