لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الخلافة

صفحة 210 - الجزء 1

  ثم أمرهم بتنفيذ البعث وحثّهم عليه، فتثاقلوا ورفضوا الأمر، وتعلَّلوا بما معناه: أنهم رفضوا تنفيذ البعث لشفقتهم على رسول الله ÷ في مرضه، وخوفهم عليه، وإنهم يكرهون أن يغيبوا عنه وهو على تلك الحال، وأنهم إذا غابوا انقطع عنهم خبره ÷ ولا يأتيهم من خبره ÷ إلا ما تجيئهم به الركبان⁣(⁣١).

  وكان هذا الجيش قد ضمّ وجوه المهاجرين بما فيهم أبو بكر وعمر⁣(⁣٢)، فرجع أكثر ذلك الجيش المدينة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر، ولبث أسامة مكانه حيث


(١) ذكر بعث أسامة وأن النبي ÷ أمَّرَه على كبار الصحابة، والتأكيد على إنفاذه: ابن هشام في السيرة، تهذيب الكمال، تاريخ دمشق، الطبقات الكبرى لابن سعد، مجمع الزوائد، الحاوي الكبير، وغيرها.

(٢) في مجموع الإمام القاسم بن إبراهيم # وسألته: هل كان أبو بكر وعمر في بعث أسامة بن زيد وكيف هذا؟ فقال: قد كانا جميعاً في جيشه وبعثه. وفي كتاب تثبيت الإمامة للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #، وقال ÷: «أنفذوا جيش أسامة ولا يتخلف عن جيش أسامة إلا من كان عاصياً لله ورسوله»، فلما صار أسامة بعسكره على أميال من المدينة بلغهم مرض رسول الله ÷ فرجع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فلما دخلوا على رسول الله ÷ تغير لونه وقال: «اللهم إني لا آذن لأحد أن يتخلف عن جيش أسامة» وهمَّ أبو بكر بالرجوع إلى أسامة واللحوق به فمنعه عمر. انتهى. وقال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار في حديثه عن بعث أسامة وشدّد في تنفيذه غاية التشديد وتوعد على التخلف عنه نهاية الوعيد وكان في جملته أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وغيرهم من المهاجرين والأنصار غير أهل بيت النبوة وتخلف المذكورون عن الجيش وكان من أمر السقيفة ما كان وجميع ذلك معلوم للأنام متفق على نقله بين أهل الإسلام. انتهى. قال البلاذري في أنساب الأشراف: وكان في جيش أسامة أبو بكر وعمر ووجوه من المهاجرين والأنصار وروى ذلك اليعقوبي في تاريخه وابن سعد في الطبقات وابن هشام في سيرته وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن أبي شيبة في مصنفه والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: فلم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة. وروى أمر النبي ÷ بتنفيذ بعث أسامة الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه وابن حبان في الثقات وعبدالرزاق في مصنفه وابن عساكر في تاريخ دمشق والخطيب في المتفق والمفترق والطبري في تاريخه وابن سعد في الطبقات وابن هشام في سيرته وابن كثير في البداية والنهاية واليعقوبي في تاريخه وغيرهم.