لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الخلافة

صفحة 211 - الجزء 1

  أمره النبي ÷ أن يقف ليجتمع الناس إليه.

  والذي يظهر للمتأمّل أن الرافضين لتنفيذ بعث أسامة - وعلى رأسهم أبو بكر وعمر - قد أدركوا نوايا نبيِّهم ÷ وفهموا أنه يريد أن تكون المدينة خالية عند موته ممن يخشى منهم منازعة أهل بيته في الخلافة؛ لذلك تمردوا عن تنفيذ أمر النبي ÷، وتعللوا، ورجعوا إلى المدينة.

  وبعد أن أخفق هذا المخطط الذي رسمه النبي ÷ أراد النبي ÷ أن يثبِّت خلافة علي بطريقة أخرى، فطلب ÷ أن يأتوه بقلم ودواة ليكتب لهم كتاباً لا يضلون بعده، فكان عمر بن الخطاب بالمرصاد، حيث قال: إن رسول الله ÷ يهجر - أي: يهذي - وقال أيضاً: أكتاباً غير كتاب الله يريد؟ وقال: حسبنا كتاب الله، وكان عند النبي ÷ جماعة فقال بعضهم: القول ما قال عمر، وقال البعض الآخر: أعطوا رسول الله ÷ دواة وقلماً، وارتفعت أصوات الفريقين عند النبي ÷ فقال ÷: «إنه لا ينبغي عند نبي تنازع»⁣(⁣١)، وأمر بخروج الحاضرين وأعرض عن كتابة الكتاب؛ لأنه ÷ عرف أن لا فائدة من كتابته؛ لأنه لو كتبه لطعنوا فيه بأن النبي ÷ كتبه وهو يهذي ويهجر من شدة المرض، وبذلك تمّ لعمر وأصحابه إفشال مخططين اثنين أصدرهما النبي ÷:

  ١ - تنفيذ بعث أسامة.

  ٢ - كتابة وصية النبي ÷.

  وكان ابن عباس يبكي ويقول: «الرزيَّة كلّ الرزيَّة ما حال بين رسول الله ÷ وبين كتابة الكتاب»⁣(⁣٢).


(١) رواه البخاري ومسلم عدة روايات في صحيحيهما والنسائي في سننه وأحمد في مسنده والطبراني في الكبير وابن حبان في صحيحه والفاكهي في أخبار مكة وعبدالرزاق في مصنفه وغيرهم.

(٢) ذكرت هذه الحادثة بتفاصيلها في: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن النسائي، مصنف =