لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[مركز أهل البيت $ بعد موت النبي ÷]

صفحة 219 - الجزء 1

  الزمن نجحت هذه السياسة نجاحاً تاماً، وذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، فإنه أصبح الإسلام في عهده خالياً وصافياً من علي وأهل البيت، وأصبح علي وأهل البيت في جانب والإسلام في جانب ولا يكون المسلم مسلماً حقاً إلا بشرط أن يتبرّأ من دين علي، وأصبح لعن علي⁣(⁣١) من السنن اللازمة على كل مسلم،


(١) قال في النصائح الكافية لمحمد بن عقيل: «ولنذكر هنا طرفاً مما صح ونقل عن معاوية وأتباعه من هذا القبيل: قد مر بك أن رسل معاوية إلى حجر بن عدي وأصحابه قالوا لهم قبل القتل: إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم؛ فقالوا: لسنا فاعلي ذلك فقتلوهم. (بعض ما نقل عن معاوية وأتباعه من لعن علي وسبه): أخرج مسلم في صحيحه والترمذي والنسائي في الخصائص عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: لا، ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله ÷ فلن أسبه؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، وذكر قول النبي ÷: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى ...» الحديث المشهور، وزاد أبو يعلى عن سعد من وجه آخر: قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب علياً ما سببته أبداً. ونقل ابن الأثير: أن معاوية كان إذا قنت سب عليا وابن عباس والحسن والحسين والأشتر. قال ابن عبد ربه في العقد: لما مات الحسن بن علي حج معاوية فدخل المدينة وأراد يلعن عليا على منبر رسول الله ÷، فقيل له: إن هاهنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه، فأرسل إليه وذكر له ذلك، فقال: إن فعلت ذلك لأخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه، فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد، فلما مات لعنه على المنبر، وكتب إلى عماله أن يلعنوه على المنابر، ففعلوا؛ فكتبت أم سلمة زوج النبي ÷ إلى معاوية: «إنكم تلعنون الله ورسوله على منابركم؛ وذلك أنكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله» فلم يلتفت أحد إلى كلامها مع علمهم بصحة روايتها وشرف مقامها، صم بكم عمي مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا. ونقل أبو عثمان الجاحظ في كتاب الرد على الإمامية: أن معاوية كان يقول في آخر خطبته: اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك، وصد عن سبيلك، فالعنه لعناً وبيلاً، وعذبه عذاباً أليماً، قال: وكتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز. وروى فيه أيضا: أن قوماً من بني أمية قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين، إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل؛ فقال: لا والله، حتى يربو عليه =