[سلف ونهج الشيعة والسنة]
  جزمت طوائف من الشيعة بالكفر أو الفسق في حق الخلفاء ومتابعيهم؛ لذلك كان مذهب الزيدية أعدل المذاهب وأوسطها، لأن أهل السنة غلوا في الصحابة حتى أعطوهم صفة لا تنبغي إلا للعلي العظيم، وصفته تعالى هي: {لَا يُسۡـَٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡـَٔلُونَ ٢٣}[الأنبياء].
  فما كان ينبغي لأهل السنة والجماعة أن يُحَرِّموا ذكر معاصي الصحابة وتوجيه النقد إليهم وتوجيه التساؤلات على ما اشْتَبهَ علينا من أعمالهم و ... الخ.
  ثم أعطوهم حصانة حصينة لا تضرّهم معها معصية ولا يلحقهم ذنب وسيئاتهم مغفورة وكل ذلك لأنهم صحابة.
  ولغلوِّهم في الخلفاء وسائر سلفهم الصالح من الصحابة غلوا في إصدار الأحكام ضدَّ خصومهم، فقالوا: إن حب علي بن أبي طالب ذنب عظيم لا تقبل معه شهادة ولا رواية، وسموه شيعياً، والشيعي عندهم في منزلة الكافر، وهكذا قالوا فيمن يقول: إن علياً أفضل من أبي بكر(١)، أو إنه أولى بالخلافة بعد النبي ÷.
  وأيضاً قالوا كذلك فيمن يوجّه النقد على أبي بكر في أخذه للخلافة أو أخذه لفدك، وبمثل غلوِّهم في أبي بكر غلوا في معاوية بن أبي سفيان.
  الذي أراه وأجزم به أن غلو أهل السنة في تلك الأحكام إنما جاءت به خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ثم خلافة معاوية وكان القصد من ورائه هو القضاء على المنافس لهم في الخلافة - علي بن أبي طالب - ومحو ذكره وطمس فضائله، والقضاء على مذهبه، وعلى أتباعه تماماً؛ لأن وجود علي ووجود محبيه وأتباعه وأنصاره وذكر
(١) انظر كتاب لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # (ج ١/ ٣٨٨) تحت عنوان: ذكر بعض من رماه القوم بالرفض.