إسلام أبي طالب
  إسلام أبي طالب، وقد وضع بعض أهل السنة وهو أحمد بن زيني دحلان كتاباً يبيّن فيه إسلام أبي طالب ضمَّنه الدلائل الدالة على إسلامه كقصائده وأشعاره وغير ذلك وسمَّاه «أسنى المطالب في إسلام أبي طالب»، والدلائل التي تضمنها هذا الكتاب مأخوذة من كتب أهل السنة ومصادرهم المعتمدة، وهي دلائل كثيرة، غير أنَّ تعصُّبَ أهل السنة وتحمُّسَهم ضد أهل البيت والشيعة وما يتصل بهم يأبى الاعتراف بإسلامه، ويصرّ على الجحود بإيمانه وعلى أنه مات مشركاً، وما إصرارهم على الجحود لإسلام أبي طالب إلا كإصرارهم على جحود فضائل علي وأهل البيت والشيعة والتنكر لذلك.
  نعم، وإذا اعتبرنا قول أهل السنة المنكرين لإسلامه ووَازنَّا بينه وبين قول
= فأما ما ترويه العامَّة مما يفيد عدمَ إيمانِه - فانْحِرافُهم عن الطالبيّين وميلُهم إلى موافقةِ غَرَضِ الدّوْلَتيْنِ مما يحملهم على الْوَضْعِ وقَبُولِ ما وُضِعَ، وتزييف ما خالْفَ هواهم، فعليكم بالثقل الأصغر تنجوا يوم الفزع الأكبر، والله المستعان، انتهى أغلبه من التخريج.
ومما يدلّ دلالة صريحة بما ذكرناه من هذا البيت الطاهر الشريف ما رواه أهل السير والتاريخ من قصّة عبدالله بن عبد المطلب مع الْكَاهِنَةِ التي تعرَّضَتْ له، وذلك ما رواه أبو العباس الحسني ¥ قال: أخبرنا عمر بن أبي سلمة الخزاعي، قال حدثنا بدر بن الهيثم، قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا محمد بن عمارة القرشي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: لما خرج عبد المطلب بن هاشم بابنه عبدالله ليزوّجه؛ مَرَّ به على كاهنة من أهل تبالة قد قرأت الكتبَ كلَّها متهوِّدَة يقال لها فاطمة بنت مرّ الخثعمية، فرأت نُورَ النبوَّةِ في وَجْهِ عبدالله، فقالت له يا فتى: هل لكَ أن تَقَعَ عليَّ الآنَ وأعطيك مائة من الإبل، فقال شعرًا:
أمَّا الحرامُ فالمماتُ دونَه ... والْحِلّ لا حِلَّ فأستبينه
فكَيْفَ بالأَمْرِ الذي تَبْغِينه ... يحمي الكريمُ عِرْضَهُ ودينَه
إلى آخر القصة، وقد ذكرها الإمام أبو طالب في أماليه. انتهى (من الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #).