لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

إسلام أبي طالب

صفحة 51 - الجزء 1

  القائلين بإسلامه - كان الواجب علينا الحكمَ بإسلامه؛ لأن المقرَّرَ في شرائع الإسلام وقواعده المُسَلَّمَةِ عند جميع علماء المسلمين أن شهادة الْمُثْبِت أولى من شهادة النافي، وخبر المثبِت أولى من خبر النافي، ورواية المثبِت أولى من رواية النافي، وأن من يعلم حجّة على من لا يعلم.

  ومن شعر أبي طالب المشهور عند أهل السنة قوله من قصيدة قالها حين حُوصِرَ في الشعب:

  ألم تعلموا أنَّا وجدنا محمداً ... نبياً كموسى خُطَّ في أول الكتبِ

  فجزى الله أبا طالب عن الإسلام ونبي الإسلام خيراً؛ فلقد كفل النبي ورباه صغيراً، ثم نصره وأيَّده وحماه حين بعثه الله نبياً، فكان ÷ يصدع برسالته وينشر دعوته في مكة تحت حماية أبي طالب ورعايته، ولم يزل ÷ على نشر الدعوة إلى سنة عشر من البعثة، وهي السنة التي مات فيها أبوطالب فخرج ÷ منها خائفاً.

  نعم، هناك رواية رويت في المجموع أن أبا طالب كره هيئة السجود حين رأى النبي ÷ وعلياً # يصليان، وقال: «والله لا تعلوني استي».

  فأبوطالب قال ذلك في مكة قبل أن تُفْرَضَ الصلاة والصيام وسائر شرائع الإسلام، فلم يكن حين ذاك من الواجبات إلا شهادة أن لا اله إلا الله وأنَّ مُحَمَّداً رسول الله ÷، فمن قالها وصدَّق بها فهو مسلم، وكان ÷ يقول في ذلك الوقت: «من قال لا إِله إِلَّا الله دخل الجنة»، فكان ذلك هو الفريضة الوحيدة، ولم تُفْرَض الفرائض إلا بعد الهجرة إلى المدينة.

  ويدل على إسلامه أيضاً: ما ثبت بالتواتر واشتهر بين أهل السنة وغيرهم أنَّ قريشاً لمَا رأوا إصرار أبي طالب على مُناصرة محمدٍ ÷ وأَيسوا منه وعلموا