إسلام أبي طالب
  أنه لن يُسَلِّمَهُ ولن يتركه - اجتمعوا وتشاوروا وأجمعوا على مُحاصرة بني هاشم ومقاطعتهم، فلا يُبَاع منهم ولا يُشْتَرى، ولا يدخل معهم أحد في معاملة ولا مُناكحة، فدخل بنو هاشم في شعب أبي طالب وعلى رأسهم أبو طالب، وطَبَّقت عليهم قريش ذلك الحصار، واستمرّ بهم الحصار سنتين أو ثلاثاً.
  وكانت قريش قد تعاقدت وتعاهدت على هذا الحصار وتنفيذه، وكتبت ذلك في كتاب وعلَّقته في جوف الكعبة؛ فقال النبي ÷ لعمِّه أبي طالب: إن الأَرَضَة قد أكلت الكتاب المُعَلّق في الكعبة إلا كلمة: «باسمك اللهم» فذهب أبو طالب إلى قريش وقال لهم: إن ابن أخي أخبرني أن الأَرَضَة قد أكلت الكتاب الذي علَّقْتُمُوه في الكعبة إلا «باسمك اللهم» فإن كان حقَّاً فلا تظلمونا، وإن كان كذباً فشأنكم، هذا معنى كلامه، فَوَجَدَتْ قُريشٌ الأمر كما ذكر، ولكنهم لم يرعووا عن ظلم بني هاشم ومقاطعتهم؛ حتى ائتمر خمسة أنفار من قريش ممن لهم بهم قرابة في نقض الحصار على بني هاشم، فتكلّم كل واحدٍ من الخمسةِ حين اجتمعت قريش في التنديد بالحصار وتقبيحه، فقال أبو جهل: هذا أمرٌ دُبِّر بِلَيْلٍ؛ فَفَشلَ الحصار وانتهى من يومئذٍ.
  وروى أهل البيت أن النبي ÷ أمر عليَّاً # حين مات أبو طالب أن يجهِّزه، فإذا أكمل تجهيزه فليؤذنه؛ فلمَّا أكمل عليٌ # تجهيزه أخبر النبيَّ ÷، فجاء النبي ÷ وكشف عن وجه أبي طالب وقبّل ما بين عينيه وقال: «جزاك الله عني خيراً ... إلخ».
  وما رواه أهلُ السنة مُستدلِّين به على أن أبا طالب مات مشركاً غير مقبول، ولا يجوز قبوله وتصديقه؛ لما هو معروف من شدّة عداوتهم لآل أبي طالب، ومن المعروف المتفق عليه بين أهل الإسلام أنها لا تقبل شهادة العدوّ على عدوّه.