[بقية من قتل في هذه الغزوة]
  كدتم، ولم تصبروا وتثبتوا كما صبر وثبتَ من كان قبلكم، وأنتم تعلمون أنَّ الله يحب الصابرين، ثم ذكر الله تعالى صبر الرِّبِّيين الكثيرين الذين هم أصحاب الكثير من الأنبياء السابقين، والتجائهم إلى الله بالدعاء، وثباتهم الذي لم يتزلزل إلى أن بلغوا من الأمر حيث أراد الله تعالى فقال سبحانه: {وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ١٤٧}[آل عمران: ١٤٧] فلم يستسلموا للجزع والفزع كما استسلمتم، ولم ينسوا ربهم والدعاء له والالتجاء إليه كما نسيتموه، فلم تذكروه ولم تَدْعوه ولم تفزعوا إليه بل خرتم وجبنتم وكدتم أن تُلْقوا بأيديكم إلى عدوّكم تلتمسون منه الأمان.
  ثم قال تعالى عمن تقدم من الربِّيين الصابرين: {فَـَٔاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا وَحُسۡنَ ثَوَابِ ٱلۡأٓخِرَةِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ١٤٨}[آل عمران: ١٤٨]، ثُم حذَّر الله تعالى المسلمين الذين فكروا في التماس الأمان من قريش وطلب رضاهم، فقال سبحانه: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ١٤٩}[آل عمران: ١٤٩] أي: أنكم بطاعة قريش ستخسرون دنياكم وأُخراكم، ثم ذكَّر الله المسلمين الذين تاهت عقولهم بالناصر الذي إن التجئوا إليه نصرهم، فقال سبحانه: {بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّٰصِرِينَ ١٥٠}[آل عمران: ١٥٠]، فاعتصموا به ولا تستنصروا بغيره، ولا ترجعوا على أعقابكم مرتدين.
  ثم قال سبحانه: {سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ ...} الآية [آل عمران: ١٥١]، فثقوا بنصر الله إن أنتم أطعتموه، فإنه لم يحصل ما حصل فيكم من عدوكم إلا بذنوب اقترفتموها خالفتم فيها أمر الله وعصيتم رسوله ÷.
  ثم قال سبحانه: {أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ١٦٥}[آل عمران: ١٦٥] أي: إذا قُتِلَ