لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[بعض العبر من حادثة بني النضير]

صفحة 90 - الجزء 1

  أنكم أيها المؤمنون ما كنتم تظنون أن يهود بني النضير سيخرجون من ديارهم وحصونهم؛ لما هم فيه من القوّة والتمكّن والحصانة والشدة، وهكذا يهود بني النضير ما كانوا يظنون أنهم سيخرجون من ديارهم وحصونهم صاغرين ذليلين، بل ظنوا أنهم في مأمنٍ أمين، وهو حصونهم المنيعة، لا يستطيع النبي ÷ والمسلمون أن ينالوهم فيها بأذى، فخيّب الله تعالى ظنّهم وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وإتيان الله إياهم من حيث لم يحتسبوا هو بتيسيره لأمورٍ منها:

  ١ - سهَّلَ الله تعالى للمسلمين الطريق إلى قتلِ سيدهم كعب بن الأشرف، فقتله محمد بن مَسْلَمة الأنصاري غيلة بأمر النبي ÷، فكان ذلك مما فتَّ في أعضادهم وزلزل أقدامهم.

  ٢ - ثَبَّطَ اللهُ تعالى المنافقين عن نصرتهم.

  ٣ - قذف الله في قلوبهم الرعب.

  ٤ - ثم بما تعقَّب ذلك من اجتماع المسلمين ونبيهم ÷ على حربهم وحصارهم.

[بعض العبر من حادثة بني النضير]

  ومن العبر في هذه الحادثة أن اليهود كانوا يخربون بيوتهم من الداخل بأيديهم؛ لئلا ينتفع بها المسلمون بعد الجلاء، وكان المؤمنون يخربون بيوت اليهود من الخارج؛ ليغيضوا اليهود، وقوله تعالى: {فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ ٢}⁣[الحشر: ٢] فيما ذكر الله تعالى من قصة هؤلاءِ اليهود، حيثُ أذلَّهم الله وأخرجهم من بيوتهم وحصونهم صاغرين مطرودين مهزومين، تاركين أموالهم ومزارعهم وبيوتهم للمسلمين على رغم آنافهم، مع أنهم قد كانوا في عزَّةٍ ومنَعَةٍ وقُوَّةٍ أجمعت ظنون المسلمين واليهود عندها أن عدوّهم الذي هو النبي ÷ والمسلمون لا