مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]

صفحة 384 - الجزء 1

  وفي صحة ذلك إبطال قول المطرفية بالإحالة، وبأن فعل العبد لا يعدوه، وتعبيرهم عن ذلك بالتفعيل والانفعال.

  وأما الآيات التي تدل على أنه سبحانه قاصد لخلق أرزاق العباد والمفاضلة بينهم فيها: فالأولى: قوله سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٦}⁣[هود]، فانظر كيف عم جميع دواب الأرض بأنه سبحانه يرزقها، ويعلم أماكنها من أصلاب آبائها وبطون أمهاتها، وأبطل قول المطرفية بالإحالة، وأن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع، وإنكارهم لخلق بعض الحيوانات، واستقباحهم لبعض صورها، وكثير من حالاتها التي سموها خللاً في الصنع، وفساداً في التدبير.

  والثانية: قوله سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ٥٩}⁣[يونس]، فانظر كيف صرح الله سبحانه بأنه أنزل الرزق للعصاة، وأنّ تحريمَهم لبعض ذلك الرزق على أنفسهم عامة أو⁣(⁣١) على أزواجهم خاصة فريةٌ منهم على الله سبحانه.

  وكذلك تحريم المطرفية لرزق الله سبحانه على عباده العصاة فرية منهم عليه سبحانه.

  والثالثة: قوله سبحانه حين سأله إبراهيم # أن يرزق من آمن من ذريته بمكة، فقال سبحانه: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٢٦}⁣[البقرة].

  والرابعة: قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٢٤٧}⁣[البقرة]، فانظر كيف صرح سبحانه بأنه يختار لرسالته بعض عباده، وأنه يزيد من يشاء في العلم والجسم، وذلك ناقض لقول المطرفية بأن النبوة فعل النبي، وقولهم بوجوب المساواة في الخلق والتعبد.


(١) نخ (ج): وعلى أزواجهم.