المبحث الثاني في التقييد بالتوكيد
  ٢ - ولتفصيل المسند مع الاختصار أيضا، نحو: جاء نصر فمنصور(١) أو ثم منصور، أو قدم الحجيج حتى المشاة، لأن هذه الأحرف الثلاثة مشتركة في تفصيل المسند، إلا أن الأول يفيد الترتيب مع التعقيب، والثاني يفيد الترتيب مع التراخي، والثالث يفيد ترتيب أجزاء ما قبله، ذاهبا من الأقوى إلى الأضعف، أو بالعكس، نحو: مات الناس حتى الأنبياء.
  ٣ - ولرد السامع إلى الصواب مع الاختصار، نحو جاء نصر، لا منصور.
  ٤ - ولصرف الحكم إلى آخر، نحو: ما جاء منصور، بل نصر.
  ٥ - وللشك من المتكلم أو التشكيك للسامع، أو للإبهام. نحو قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[سبأ: ٢٤].
  ٦ - وللإباحة أو التخيير.
  مثال الأول: تعلم نحوا أو صرفا. أو نحو: تعلم إما صرفا وإما نحوا.
  ومثال الثاني: تزوج هندا أو أختها أو نحو: تزوج إما هندا وإما أختها.
(١). قد تجيء الفاء للتعقيب في الذكر: دون الزمان، إما مع ترتيب ذكر الثاني على الأول: كما في تفصيل الإجمال في قوله تعالى: {وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} ونحو قوله تعالى: {ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}. وأما بدون ترتيب: وذلك عند تكرير اللفظ الأول نحو: باللّه، فباللّه،
وقد تجئ ثم للتراخي في الذكر: دون الزمان، إما مع الترتيب المذكور. نحو: [الخفيف]
أن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم ساد من قبل ذلك جده
ونحو: [الطويل]
هو الكلب وابن الكلب والكلب جده ... ولا خير في كلب تناسل من كلب
فإن الغرض ترتيب درجات حال الممدوح في البيت الأول. فابتدأ بسيادته، ثم بسيادته أبيه، ثم بسيادة جده.
وإما بدون ترتيب، نحو: {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ}. ولاستبعاد مضمون جملة عن مضمون جملة أخرى، نحو: {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ} فنزلوا الترتيب في هذه الأمور منزلة الترتيب الزماني. المستفاد منها بأصل الوضع. ولذا يكون استعمالها في هذه الأمور مجازا.