جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الثاني في مواضع الفصل

صفحة 170 - الجزء 1

  ويجب فصلها في ثلاثة مواضع:

  ١ - إذا كان فعلها ماضيا تاليا «إلا»، أو وقع ذلك الماضي قبل «أو» الّتي للتسوية، نحو:


= الخامسة: الماضي المتلو بأو، نحو: لأضربنه ذهب أو مكث، ومنه قول الشاعر: [البسيط]

كن للخليل نصيرا جار أو عدلا ... ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا

السادسة: المضارع المنفي بلا، نحو وما لنا لا نؤمن باللّه. ما لي لا أرى الهدهد، وقوله: [الكامل]

لو أن قوما لارتفاع قبيلة ... دخلوا السماء دخلتها لا أحجب

السابعة: المضارع المنفي بما، كقوله: [الطويل]

عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة ... فما لك بعد الشيب صبا متيما

وأبعد الجمل في الصلاح للحالية الجملة الاسمية لدلالتها على الثبوت، لا على الحصول. والمقارنة، فيجب فيها الواو، نحو {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. وقد يكتفى فيها بالضمير ندورا، نحو كلّمته فوه إلى فيّ أي مشافهة.

ثم الماضي مثبتا لعدم المقارنة فيحسن معها الواو، لأن الماضي يدل على الحصول المتقدم، لا الحصول حال النسبة. وتجب «قد» تحقيقا أو تقديرا، لتقربه من الحال، أي لتجعل (قد) الفعل الماضي الدال على حصول متقدم، لا حصول حال النسبة قريبا من حال النسبة، لا من حال التكلم، إذ اللازم في الحال مقارنتها لزمان النسبة لا لزمان التكلم، وإنما اكتفي بهذا التقريب في صحة الحال وإن كان اللازم الاقتران، إما لأنه ينزل قرب الحال إلى زمان النسبة منزلة المقارنة مجازا، وإما لأنه يعتبر قربها في الفعل هيئة للفعل. فإذا قلت جاءني زيد وقد ركب، فكأنك نزلت قرب ركوبه من مجيئه منزلة مقارنته له، أو جعلت كون مجيئه بحيث يقرب ركوبه هيئة لمجيئه، وحالا له، قالوا: وتمتنع (قد) مع الماضي الممتنع ربطه بالواو. وهو التالي إلا والمتلو بأو، لكن في (شرح الرضي)، انهما قد يجمعان بعد إلا، نحو ما لقيته إلا وقد أكرمني، ويلي الماضي المثبت، الماضي المنفي، لأنه هيئة للفعل بالتأول، لأن قولك جاء زيد ليس راكبا، في قوة جاء زيد ماشيا، فيتحقق الحصول أو يستمر غالبا، فيقارن كذلك فيحسن ترك الواو نظرا إلى تحقق الحصول والمقارنة، ويجوز ذكرها أيضا نظرا إلى كونه ما كان هيئة للفعل إلا بعد تأويل، ونظرا إلى كون استمراره أغلبيا لا دائميا.

والأحسن في الظرف إذا وقع حالا ترك الواو نظرا للتقدير بمفرد، تقول نظرت الهلال بين السحاب. ومثله الجار والمجرور، نحو فخرج على قومه في زينته ونحو أبصرت البدر في السماء، وإن جوزوا الواو بتقدير فعل ماض.

وما يخشى فيه التباس الحال بالصفة أتى فيه الواو وجوبا، ليتميز الحال، فيقال جاء رجل ويسعى، إذ لو قيل:

يسعى، لالتبس الحال بالصفة في مثله.