جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثامن في الوصل والفصل

صفحة 171 - الجزء 1

  ما تكلّم فؤاد إلا قال خيرا - وكقول الشاعر:

  كن للخليل نصيرا جار أو عدلا ... ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا

  [البسيط]

  ٢ - إذا كان فعلها مضارعا مثبتا أو منفيّا بما، أو لا نحو: {وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ}⁣[يوسف: ١٦] ونحو: {وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}⁣[المائدة: ٨٤] ونحو:

  عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة ... فما لك بعد الشيب صبا متيّما

  [الطويل]

  ٣ - إذا كانت جملة اسمية واقعة بعد حرف عطف، أو كانت اسمية مؤكدة لمضمون ما قبلها، كقوله تعالى: {فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ}⁣[الأعراف: ٤] وكقوله تعالى: {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}⁣[البقرة: ٢](⁣١).

  الثاني: علم مما تقدم أن من مواضع الوصل اتفاق الجملتين في الخبرية والإنشائية، ولا بدمع اتفاقهما من جهة بها يتجاذبان، وأمر جامع به يتآخذان، وذلك الجامع: إما عقلي⁣(⁣٢)


(١). لما كان قوله: (ذلك الكتاب) فيه مظنة مجازفة بسبب إيراد المسند إليه اسم إشارة، والمسند معرفا بأل أكده بقوله: (لا ريب فيه) تأكيدا معنويا.

ولما كانت الدعوى المذكورة مع ادعاء عدم المجازفة مظنة استبعاد، أكده بقوله {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} تأكيدا لفظيا، حتى كأنه نفس الهداية.

(٢). فالجامع العقلي، أمر بسببه يقتضي العقل اجتماع الجملتين في القوة المفكرة كالاتحاد في المسند: أو المسند إليه، أو في قيد من قيودهما، نحو زيد يصلي ويصوم ويصلي زيد وعمرو ... وزيد الكاتب شاعر. وعمرو الكاتب منجم. وزيد ماهر، وعمرو طبيب ماهر، وكالتماثل والاشتراك فيهما، أو في قيد من قيودهما أيضا بحيث يكون التماثل له نوع اختصاص بهما أو بالقيد، لا مطلق تماثل، فنحو زيد شاعر وعمرو كاتب لا يحسن إلا إذا كان بينهما مناسبة، لها نوع اختصاص بهما، كصداقة أو أخوة أو شركة أو نحو ذلك، وكالتضايف بينهما. بحيث لا يتعقل أحدهما إلا بالقياس إلى الآخر. كالأبوة مع البنوة والعلة مع المعلول، والعلو والسفل، والأقل والأكثر، إلى غير ذلك.