جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثامن في الوصل والفصل

صفحة 172 - الجزء 1

  أو: وهمي⁣(⁣١) أو: خيالي⁣(⁣٢).

  وللقرآن الكريم اليد البيضاء في هذا الباب، كقوله تعالى: {أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} فالمناسبة بين الإبل والسماء، وبينها وبين الجبال والأرض غير موجودة بحسب الظاهر.

  ولكنه «أسلوب حكيم» في غاية البلاغة، لأنه لما كان الخطاب مع العرب. وليس في تخيلاتهم إلا الإبل، لأنها رأس المنافع عندهم، والأرض لرعيها والسماء لسقيها، وهي الّتي توصلهم إلى الجبال الّتي هي حصنهم عندما تفاجئهم حادثة أورد الكلام على طبق ما في تخيلاتهم.


(١). والجامع الوهمي، أمر بسببه يقتضي الوهم اجتماع الجملتين في المفكرة.

كشبه التماثل الذي بين نحو لوني البياض والصفرة، فإن الوهم يبرزهما في معرض المثلين من جهة أنه يسبق إليه أنهما نوع واحد، زائد في أحدهما عارض في الآخر بخلاف العقل فإنّه يدرك أنهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس واحد، هو اللون.

وكالتضاد بالذات، وهو التقابل بين أمرين وجودين بينهما غاية الخلاف، يتعاقبان على محل واحد، وكالسواد والبياض.

أو التضاد بالعرض كالأسود والأبيض، لأنهما ليسا ضدين لذاتهما لعدم تعاقبهما على محل واحد، بل بواسطة ما يشتملان عليه من سواد وبياض.

وكشبه التضاد كالسماء والأرض، فإن بينهما غاية الخلاف ارتفاعا وانخفاضا، لكن لا يتعاقبان على محل واحد، كالتضاد بالذات، ولا على ما يشمله كالتضاد بالعرض.

(٢). والجامع الخيالي، أمر بسببه يقتضي الخيال اجتماع الجملتين في المفكرة، بأن يكون بينهما تقارن في الخيال سابق على العطف لتلازمهما في صناعة خاصة، أو عرف عام، كالقدوم والمنشار. والمنقاب، في خيال النجار.

والقلم، والدواة، والقرطاس، في خيال الكاتب. وكالسيف، والرمح، والدرع، في خيال المحارب، وهلم جرا.