المبحث السادس في أدوات التشبيه
المبحث السادس في أدوات التشبيه(١)
  أدوات التشبيه: هي ألفاظ تدل على المماثلة، كالكاف، وكأن، ومثل، وشبه، وغيرها مما يؤدي معنى التشبيه: كيحكي، ويضاهي ويضارع، ويماثل ويساوي، ويشابه، وكذا أسماء فاعلها. فأدوات التشبيه بعضها: اسم، وبعضها: فعل، وبعضها: حرف.
  وهي إما ملفوظة، وإما ملحوظة، نحو جماله كالبدر، وأخلاقه في الرقة كالنسيم، ونحو اندفع الجيش اندفاع السيل، أي كاندفاعه.
  الأصل في الكاف، ومثل، وشبه، من الأسماء المضافة لما بعدها أن يليها المشبه به لفظا(٢) أو تقديرا.
  نحو: قوله تعالى: {حُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}[الواقعة: ٢٢]. ونحو: قوله تعالى:
  {وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ}[الرحمن: ٢٤] وكقول الشاعر: [الكامل]
  والوجه مثل الصبح مبيض ... والفرع مثل الليل مسودّ
  ضدان لما استجمعا حسنا ... والضدّ يظهر حسنه الضدّ
  والأصل في كأن، وشابه، وماثل، وما يرادفها، أن يليه المشبه، مثل قوله: [الطويل]
  كأن الثريا راحة تشبر الدجى ... لتنظر طال الليل أم قد تعرضا
(١). (التشبيه) يفيد التفاوت، وأما (التشابه) فيفيد التساوي بلفظ تشابه. وتماثل وتشاكل، وتساوى، وتضارع، وكذا بقولك: كلاهما سواء، لا بما كان له فاعل ومفعول به: مثل شابه. وساوى، فإن في هذا إلحاق الناقص بالزائد.
(٢). وقد يليها غير المشبه به إذا كان التشبه مركبا، أي هيئة منتزعة من متعدد وذكر بعد الكاف بعض ما ننتزع منه تلك الهيئة كقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ} فإن المراد تشبيه حال الدنيا في حسن نضارتها وبهجة روائها في المبدأ.
وذهاب حسنها وتلاشي رونقها شيئا فشيئا في الغاية، بحال النبات الذي يحسن من الماء فتزهو خضرته. ثم ييبس شيئا فشيئا، ثم يتحطم فتطيره الرياح، فيصير كأن لم يكن شيئا مذكورا، بجامع الهيئة الحاصلة في كل من حسن وإعجاب ومنفعة، يعقبها التلف والعدم.