المبحث السابع في تقسيم التشبيه باعتبار أداته
  ومن المؤكد: ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه، كقول الشاعر: [الكامل]
  والرّيح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على(١) لجين الماء
  أي أصيل كالذهب على ماء كاللجين.
  والمؤكد أوجز، وأبلغ، وأشد وقعا في النفس. أما أنه أوجز فلحذف أداته، وأما أنه أبلغ فلإيهامه أن المشبه عين المشبه به.
  ج - والتشبيه البليغ: هو ما حذفت فيه أداة التشبيه، ووجه الشبه(٢)، نحو: [الكامل]
  فاقضوا مآربكم عجالا إنما ... أعماركم سفر من الأسفار
  ونحو: [الكامل]
  عزماتهم قضب وفيض أكفهم ... سحب وبيض وجوههم أقمار
  والتشبيه البليغ: ما بلغ درجة القبول لحسنه. أو الطيب الحسن فكلما كان وجه الشبه قليل الظهور، يحتاج في إدراكه إلى إعمال الفكر كان ذلك أفعل في النفس وأدعى إلى تأثرها واهتزازها، لما هو مركوز في الطبع، من أن الشيء إذا نيل بعد الطلب له، والاشتياق إليه، ومعاناة الحنين نحوه كان نيله أحلى، وموقعه في النفس أجل وألطف، وكانت به أضن وأشغف، وما أشبه هذا الضرب من المعاني، بالجوهر في الصدف، لا يبرز إلا أن تشقه وبالحبيب المتحجب لا يريك وجهه، حتى تستأذن.
  وسبب هذه التسمية: أن ذكر الطرفين فقط، يوهم اتحادهما، وعدم تفاضلهما، فيعلو المشبه إلى مستوى المشبه به، وهذه هي المبالغة في قوة التشبيه.
(١). الأصيل الوقت بين العصر إلى المغرب، واللجين الفضة.
(٢). ومن التشبيه البليغ أن يكون المشبه به مصدرا مبينا للنوع نحو: أقدم الجندي إقدام الأسد، وراغ المدين روغان الثعلب، ومنه أيضا إضافة المشبه به للمشبه نحو لبس فلان ثوب العافية، ومنه أيضا أن يكون المشبه به حالا نحو: حمل القائد على أعدائه أسدا.