المبحث الثامن في فوائد التشبيه
المبحث الثامن في فوائد التشبيه
  الغرض من التشبيه والفائدة منه هي الإيضاح والبيان في التشبيه غير المقلوب ويرجع ذلك الغرض إلى المشبه وهو إما:
  ١ - بيان حاله: وذلك حينما يكون المشبه مبهما غير معروف الصفة، الّتي يراد إثباتها له قبل التشبه، فيفيده التشبيه الوصف، ويوضحه المشبه به، نحو شجر النارنج كشجر البرتقال ومثل قول الشاعر: [الوافر]
  إذا قامت لحاجتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران
  شبه عظامها بالخيزران بيانا لما فيها من اللين(١)
  ٢ - أو بيان إمكان حاله: وذلك حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له، معروف واضح مسلم به، ليثبت في ذهن السامع ويقرر مثل قوله: [الكامل]
  ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت ... وقع السهام ونزعهن أليم
  شبه نظرها: بوقع السهام، وشبه إعراضها بنزعها: بيانا لإمكان إيلامها بهما جميعا.
  ٣ - أو بيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف وذلك إذا كان المشبه معلوما معروف الصفة الّتي يراد إثباتها له معرفة إجمالية قبل التشبيه بحيث يراد من ذلك التشبيه بيان مقدار نصيب المشبه من هذه الصفة وذلك بأن يعمد المتكلم لأن يبين للسامع ما يعنيه من هذا المقدار مثل قوله: [البسيط]
  كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عجل
  وكتشبيه: الماء بالثلج، في شدة البرودة. ومثل قوله: [الكامل]
  فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسحم
(١). والتشبيه لهذا الغرض يكثر في العلوم والفنون لمجرد البيان والإيضاح، فلا يكون فيه حينئذ أثر للبلاغة لخلوه من الخيال وعدم احتياجه إلى التفكير، ولكنه لا يخلو من ميزة الاختصار في البيان وتقريب الحقيقة إلى الأذهان، كقولهم: الأرض كالكرة.