جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الثامن في فوائد التشبيه

صفحة 220 - الجزء 1

  لادّعاء أن المشبه أتمّ وأظهر من المشبه به في وجه الشبه.

  ويسمى ذلك بالتشبيه المقلوب⁣(⁣١) أو المعكوس نحو: كأن ضوء النهار جبينه، ونحو:

  كأن نشر الروض حسن سيرته، ونحو: كأن الماء في الصفاء طباعه وكقول محمد بن وهيب الحميري⁣(⁣٢) [الكامل]

  وبدا الصّباح كإن غرّته ... وجه الخليفة حين يمتدح

  شبه غرّة الصباح، بوجه الخليفة، إيهاما أنه أتم منها في وجه الشبه وهذا التشبيه مظهر من مظاهر الافتنان والإبداع، كقوله تعالى حكاية عن الكفار:

  {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا}⁣[البقرة: ٢٧٥] في مقام أن الرّبا مثل البيع عكسوا ذلك لإيهام أن الربا عندهم أحل من البيع، لأن الغرض الربح وهو أثبت وجودا في الرّبا منه في البيع، فيكون أحق بالحل عندهم.


(بالتشابه) تباعدا واحترازا من ترجيح أحد المتساويين على الآخر، كقول أبي إسحاق الصابي.

تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي ... فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب

فو اللّه ما أدري أبالخمر أسبلت ... جفوني أم من عبرتي كنت أشرب

وكقول الصاحب بن عباد:

رق الزجاجح وراقت الخمر ... فتشابها وتشاكل الأمر

فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر

(١). يقرب من هذا النوع ما ذكره الحلبي في كتاب حسن التوسل وسماه «تشبيه التفضيل» وهو أن يشبه شيء بشيء لفظا أو تقديرا ثم يعدل عن التشبيه لادعاء أن المشبه به، كقوله:

حسبت جمالها بدرا منيرا ... وأين البدر من ذلك الجمال

(٢). فالبحتري أراد أن يوهم أن وجه الخليفة أتم من غرة الصباح إشراقا ونورا.