جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

فصاحة الكلام

صفحة 24 - الجزء 1

  أ - ومنه شديد الثقل: كالشطر الثاني في قوله: [الرجز]

  وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر⁣(⁣١)

  ب - ومنه خفيف الثّقل كالشطر الأول في قول أبي تمّام [الطويل]

  كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي، وإذا ما لمته لمته وحدي⁣(⁣٢)

  الثاني: ضعف التّأليف: أن يكون الكلام جاريا على خلاف ما اشتهر من قوانين النحو المعتبرة عند جمهور العلماء: كوصل الضميرين، وتقديم غير الأعرف منهما على الأعرف، مع أنه يجب الفصل في تلك الحالة، كقول المتنبي: [الكامل]

  خلت البلاد من الغزالة ليلها ... فأعاضهاك اللّه كي لا تحزنا

  وكالإضمار قبل ذكر مرجعه لفظا ورتبة وحكما في غير أبوابه⁣(⁣٣) نحو: [الطويل]


(١). حرب بن أمية: قتله قائل هذا البيت، وهو هاتف من الجن صاح عليه (قفر) خال من الماء والكلأ، وقبر اسم ليس مؤخر، وقرب خبرها مقدم، قيل: إن هذا البيت لا يمكن إنشاده ثلاث مرات متوالية إلا ويغلط المنشد فيه، لأن نفس اجتماع كلماته وقرب مخارج حروفها. يحدثان ثقلا ظاهرا، مع أن كل كلمة منه لو أخذت وحدها ما كانت مستكرهة ولا ثقلية.

(٢). أي هو كريم. وإذا مدحته وافقني الناس على مدحه. ويمدحونه معي لإسداء إحسانه إليهم كإسدائه إلي، وإذا لمته، لا يوافقني أحد على لومه، لعدم وجود المقتضي للوم فيه، وآثر لمته على هجوته مع أنه مقابل المدح إشارة إلى أنه لا يستحق الهجو ولو فرط منه شيء فإنما يلام عليه فقط والثقل في قوله: «أمدحه» لما بين الحاء والهاء من التنافر، للجمع بينهما. وهما من حروف الحلق، كما ذكره الصاحب إسماعيل بن عباد.

(٣). المجموعة في قول بعضهم: [الرجز].

ومرجع الضمير قد تأخرا ... لفظا ورتبة وهذا حصرا

في باب نعم وتنازع العمل ... ومضمر الشأن ورب والبدل

ومبتدأ مفسر بالخبر ... وباب فاعل بخلف فأخبر

واعلم أن ضعف التأليف ناشئ من العدول عن المشهور إلى قول له صحة عند بعض أولي النظر، أما إذا خالف المجمع عليه كجر الفاعل ورفع المفعول ففاسد غير معتبر، والكلام في (تركيب له صحة واعتبار).