جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثالث في الكناية وتعريفها وأنواعها

صفحة 281 - الجزء 1

  ب - وكناية بعيدة: وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوب بواسطة، أو بوسائط، نحو: فلان كثير الرماد كناية عن المضياف، والوسائط: هي الانتقال من كثرة الرماد إلى كثرة الإحراق، ومنها إلى كثرة الطبخ والخبز، ومنها إلى كثرة الضيوف، ومنها إلى المطلوب وهو المضياف الكريم.

  القسم الثاني: الكناية التي يكون المكنى عنه موصوفا⁣(⁣١) بحيث يكون إما معنى واحدا كموطن الأسرار كناية عن القلب، وكما في قول الشاعر:

  فلما شربناها ودبّ دبيبها ... إلى موطن الأسرار قلت لها قفي

  [الطويل]

  وإما مجموع معان: كقولك: جاءني حيّ مستوي القامة، عريض الأظفار كناية عن الإنسان لاختصاص مجموع هذه الأوصاف الثلاثة به ونحو:

  الضّاربين بكلّ أبيض مخذم ... والطاعنين مجامع الأضغان⁣(⁣٢)

  [الكامل]

  ويشترط في هذه الكناية: أن تكون الصفة أو الصفات مختصة بالموصوف، ولا تتعداه ليحصل الانتقال منها إليه.

  القسم الثالث: الكناية التي يراد بها نسبة أمر لآخر، إثباتا أو نفيا فيكون المكنى عنه نسبة، أسندت إلى ما له اتصال به، نحو قول الشاعر: [الكامل]

  إنّ السماحة والمروءة والندى ... في قبة ضربت على ابن الحشرج

  فإن جعل هذه الأشياء الثلاثة في مكانه المختص به يستلزم إثباتها له.

  والكناية المطلوب به نسبة:


(١). أي يكون المكنى عنه فيها ذاتا ملازمة للمعنى المفهوم من الكلام.

(٢). الضاربين منصوب بأمدح المحذوف، والأبيض السيف، والمخذم بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الذال المعجمتين القاطع، والأضغان جمع ضغن وهو ما انطوى عليه الصدر من الحقد، كنى الشاعر بمجامع الأضغان عن القلوب، وهي لا كناية صفة، ولا كناية نسبة، بل هي كناية موصوف.