بلاغة الكناية
بلاغة الكناية
  الكناية مظهر من مظاهر البلاغة، وغاية لا يصل إليها إلا من لطف طبعه، وصفت قريحته، والسرّ في بلاغتها أنها في صور كثيرة تعطيك الحقيقة، مصحوبة بدليلها، والقضية وفي طيها برهانها، كقول البحتري في المديح: [الطويل]
  يغضّون فضل اللحظ من حيث ما بدا ... لهم عن مهيب في الصدور محبب
  فإنه كنى عن إكبار الناس للممدوح، وهيبتهم إياه، بغض الأبصار الذي هو في الحقيقة برهان على الهيبة والإجلال، وتظهر هذه الخاصة جلية في الكنايات عن الصفة والنسبة.
  ومن أسباب بلاغة الكنايات أنها تضع لك المعاني في صورة المحسوسات ولا شك أن هذه خاصة الفنون، فإن المصور إذا رسم لك صورة للأمل أو لليأس، بهرك وجعلك ترى ما كنت تعجز عن التعبير عنه واضحا ملموسا.
  فمثل كثير الرماد في الكناية عن الكرم. ورسول الشر، في الكناية عن المزاح.
  وقول البحتري: [الكامل]
  أو ما رأيت المجد ألقى رحله ... في آل طلحة ثم لم يتحوّل
  وذلك في الكناية عن نسبة الشرف إلى آل طلحة. كل أولئك يبرزلك المعاني في صورة تشاهدها وترتاح نفسك إليها.
  ومن خواص الكناية: أنها تمكنك من أن تشفي غلتك من خصمك من غير أن تجعل له إليك سبيلا، ودون أن تخدش وجه الأدب، وهذا النوع يسمى بالتعريض. ومثاله قول المتنبي في قصيدة، يمدح بها كافورا ويعرض بسيف الدولة: [الطويل]