جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

(4) الافتنان

صفحة 298 - الجزء 1

  أو فعلين، نحو: قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا}⁣[سورة النجم، الآية: ٤٤] وكقوله تعالى: {ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى}⁣[سورة الأعلى، الآية: ١٣].

  أو حرفين: نحو قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[سورة البقرة، الآية: ٢٢٨].

  أو مختلفين: نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ}⁣[سورة الرعد، الآية: ٣٣](⁣١).

  ونحو قوله تعالى: {أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ}⁣[سورة الأنعام، الآية: ١٢٢].

  فيكون تقابل المعنيين وتخالفهما مما يزيد الكلام حسنا وطرافة.


(١). والطباق ضربان:

أحدهما طباق الإيجاب: وهو ما لم يختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا نحو {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ}. وكقوله: [الكامل]

حلو الشمائل وهو مر باسل ... يحمي الذمار ضبيحة الإرهاق

وثانيهما طباق السلب: وهو ما اختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا بحيث يجمع بين فعلين من مصدر واحد، أحدهما مثبت مرة، والآخر ينفى تارة أخرى في كلام واحد نحو {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} ونحو {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا} و {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}.

أو أحدهما أمر، والآخر نهي نحو {اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} ونحو {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}.

وملخص الطباق الذي هو الجمع بين معنيين متقابلين في كلام واحد، وهو نوعان:

١ - طباق سلب، وهو أن يجمع بين فعلين، من مصدر واحد، أحدهما مثبت، والآخر منفي، وأحدهما أمر والآخر نهي.

٢ - طباق الإيجاب، وهو ما كان تقابل المعنيين فيه بالتضاد. ويلحق بالطباق، ما بني على المضادة، تأويلا في المعنى، نحو {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ} فإن التعذيب لا يقابل المغفرة صريحا لكن على تأويل كونه صادرا عن المؤاخذة التي هي ضد المغفرة. أو تخييلا في اللفظ باعتبار أصل معناه نحو {مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ} أي يقوده فلا يقابل الضلالة بهذا الاعتبار ولكن لفظه يقابلها في أصل معناه.

وهذا يقال له: «إيهام التضاد».