(8) الإرصاد
  ويلحق بمراعاة النظير، ما بني على المناسبة في المعنى بين طرفي الكلام يعنى: أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى، نحو: قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٣]. فإن اللطيف يناسب عدم إدراك الأبصار له، والخبير يناسب إدراكه سبحانه وتعالى للأبصار. وما بني على المناسبة في اللفظ باعتبار معنى له غير المعنى المقصود في العبارة، نحو قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ}[الرحمن: ٥ - ٦].
  فإن المراد بالنجم هنا النبات، فلا يناسب الشمس والقمر ولكن لفظه يناسبهما باعتبار دلالته على الكواكب؛ وهذا يقال له: إيهام التناسب
(٨) الإرصاد
  الإرصاد: هو أن يذكر قبل الفاصلة من الفقرة، أو القافية، من البيت ما يدل عليها إذا عرف الرّويّ نحو: قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}[سورة ق، الآية: ٣٩].
  ونحو: قوله تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت: ٤٠](١) وكقول الشاعر: [الطويل]
  أحلت دمي من غير جرم وحرّمت ... بلا سب عند اللقاء كلامي
  فليس الذي حللته بمحلل ... وليس الذي حرّمته بحرام
(١). فالسامع: إذا وقف على قوله تعالى: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} بعد الإحاطة بما تقدم، علم أنه «وقبل الغروب».
وكذا البصير بمعانى الشعر وتأليفه، إذا سمع المصرع الأول «أحلت دمي، الخ» علم أن العجز «وحرمت، الخ» ليس إلا ما قاله الشاعر.